والهجمات المفاجئة ولذلك فإنه لم يكن هناك أى بديل سوى هذا الممر، أى ممر القيروان، الذى ينتهى فى منطقة قمونية.
وهذه المدينة [أى القيروان]، كانت فى الأصل قاعدة حربية، وكان الغرض من إنشائها أن تكون مركز دفاع عن البلد وسدا فى وجه المناورات القتالية التى يقوم بها الفاتحون.
ويعزى تأسيس هذه المدينة إلى عقبة ابن نافع، ولكن الواقع هو أن تأسيسها سار فى عدة مراحل وساهم فيه العديد من القادة العسكريين.
وبادئ ذى بدء نذكر أن واقعة سبيطلة (٢٧ هـ/ ٦٤٧ - ٦٤٨ م) كانت سببا فى وقوع الأملاك البيزنطية فى يد عبد اللَّه بن سعد بن أبى السرح حيث تقهقر الروم إلى خط دفاعهم الثانى للدفاع عن مركز قيادتهم، وليس من المستحيل أو من غير المحتمل أن يقوم الفاتحون فى هذه المناسبة بشن غارات فى منطقة القيروان حين فرضوا ضرائب باهظة يجبونها من الأهالى [يقدرها البعض بألفى ألف وخمسمائة دينار فى حين يقدره البعض الآخر بثلاثمائة قنطار من الذهب].
ويشير ابن ناجى [معالم الإيمان فى معرفة أهل القيروان، والصحيح أن هذا الكتاب للدباغ المتوفى ٦٩٦ هـ مع تعليقات لابن ناجى المتوفى ٨٣٧ هـ] إلى أن هناك مسجدًا بالقيروان يعرف بمسجد ابن أبى السرح يبدو أنه بناه تخليدًا لرحلته البحرية.
وبدأت الأحداث بعد ذلك تتبلور عندما قام معاوية بن خديج بثلاث حملات متتالية على إفريقية فى أعوام ٣٤ هـ/ ٦٥٤ - ٦٥٥ م، ٤١ هـ/ ٦٦١ - ٦٦٢ م، ٤٥ هـ/ ٦٦٥ م.
وقد سلك ابن خديج فى حملاته الثلاث نفس الطريق الذى سلكه قبل ابن أبى السرح وهو الطريق الذى ينتهى عند قمونية أو القيروان حيث ضرب معسكره هناك. ويذكر ابن عبد الحكم (فتوح مصر والمغرب) أن ابن خديج قد استولى على حصون عديدة وغنم مغانم كثيرة كما أقام قيروانا قرب "القرن"، ويشير ابن عذارى (فى البيان المغرب) إلى أن هذا التأسيس كان فى