التى هادنت الخليفة العباسى المسلم لقاء جزية تدفعها للمسلمين ليكفوا عن محاربة الروم فلما تولى نقفور بعد خلع إيرين أراد الرجوع عما أبرمته الامبراطورة البيزنطية السالفة مع الرشيد ومن ثم كتب إلى الرشيد كتابا يقول فيه إن إيرين أقامت الخليفة مقام الرخ وأقامت نفسها مكان البيدق، وأنها حملت من المال ما كان الرشيد قمينا بحمله إليها، ثم ختمه بقوله: قرأت كتابى فأردد ما حصل من قبلك من أموالها، وافتد نفسك بما يقع به المصادرة لك وإلا فالسيف بيننا وبينك فغضب الرشيد أن يخاطبه نقفور بلهجة فيها استعلاء وعنجهية، وفيها ازدراء بهيبة الخلافة وإهانه لها، فرد عليه ردا مختصرا نعته فيه بالعبارة السالفة).
إن صورة قيصر عند العرب فى القرون الأربعة التالية لمعركة اليرموك التى وقعت سنة ١٥ هـ (٦٣٦ م) كانت تتأثر سلبا وإيجابا بما تصيبه كل من الدولتين الرومية والإسلامية ففى الفترة الأولى (أعنى زمن الأمويين وأوائل أيام العباسيين) كان النصر أكثر ما يكون للعرب، غير أن الوضع تبدل فصار ميزان القوى ضد العرب بتولى الأسرة المقدونية عرش بيزنطة.
فلما جاء العصر التركى بدأ فصل جديد فى العلاقات بين الروم والإسلام، واستمر هذا الفصل أربعة قرون منذ انتصار المسلمين فى كلازكرة سنة ٤٦٣ هـ (١٠٧١ م) حتى استيلائهم: على القسطنطينية عام (٨٧٥ هـ) ٤٥٣ م (وأدت انتصارات الترك الحربية إلى رجوع صورة قيصر بيزنطة إلى ما كانت عليه قبل الدولة المقدونية، وكان العامل الأساسى هو فتح الأراضى البيزنطية فى الأناضول وصبغها بالصبغة التركية وتضاؤل أملاك القياصرة، فقد أنزل "ألب أرسلان" الهزيمة الساحقة بالامبراطور رومانس نيوجين فى منزيكرت وأسره فى سنة ٣٦٣ هـ (١٠٧١ م) مما أدى إلى نظرة الإزدراء بقياصرة آل كومنين وأنجيل و (مالذكرد).
ثم جاء العثمانيون فبلغوا الذروة فى إذلال "قيصر" وعادت النظرة القديمة التى ساعد عليها انتصاراتهم الرائعة