للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

أضرمتها القبائل المحلية التى تحول أهلها إلى قراصنة، وخرّب البلد سنة ٨٢٩ هـ, ويقدر الحسن الوزان (ليو الافريقى) عدد الهلكى من الأهالى بأربعة آلاف من أهلها، مما حمل البقية على الهروب إلى دنقلة وسواكن التى هى ميناء الحبشة ومدّ السلاطين المماليك نفوذهم على مصوّع وبسطوا سلطانهم على سواكن التى أصبح صاحبها تابعًا للسلطان وتسلم براءة التعيين من بلاط القاهرة.

ونستفيد مما ذكره ابن تغرى بردى أنه لم يعد أثر فى سنة ٨٥٩ هـ (= ١٤٥٥ م) للتجار الكارميين فى الأسواق المصرية، فلم نعد نرى ذكرًا لهم فى المصادر المعاصرة منذ سنة ٨٨٩ هـ (= ١٤٨٤ م)، ولا نعرف من الكارمية سوى اثنين كانا آخر من نسمع عنهم هما على بن محمد بن يوسف القليوبى وعلى بن بدر الدين حسن بن عليبة المتوفى سنة ٨٩٧ هـ (= ١٤٩١/ ١٤٩٢ م).

ولم يكن التجار الكارمية هم وحدهم, الذين فقدوا مكانتهم بل شاركهم أيضًا جميع التجار، حتى أننا لنرى اثنين من الجزارين فى مصر يعملان كممثلين لطبقة التجار قبل استيلاء العثمانيين على مصر، كما فقد تجار الجملة المصريون علاقاتهم الدولية واتصالاتهم بالخارج ولم يستردوها إلا أخيرًا فى القرن التاسع عشر.

إنه من الثابت المؤكد أن كثيرًا من المماليك منذ القرن الثامن الهجرى (الرابع عشر الميلادى) وما بعده راحوا يبيعون "اقطاعاتهم" وبذلك مكنوا التجار من الاستحواذ على الأراضى رغم المعارضة من جانب الفقهاء والحكومة لمثل هذا العمل، حتى إنه ليقال إن التاجر الكارمى ناصر الدين ابن مسلم أصبح يملك ٣٤٣٨ فدانا كان يدفع ضريبة عليها تقدر بعشرة آلاف دينار، ولقد أثر هذا الوضع فى نظام الاقطاع المصرى، ولكن لم يكن فى الامكان أن يقال عنه حسب تعبير الكارمية Willeyire maeht، ذلك أن التاجر الكارمى وغيره من الناس الذين أصبحوا يملكون الإقطاعات لم يتمكنوا