للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

هذه التهمة انعكاسا للتحامل المذهبى على كثير). وعندما أصيب والد كثير فى إصبعه، رأى كثير ذلك عقابًا من اللَّه سبحانه وتعالى لوالده الذى اعتاد رفع نفس هذا الإِصبع عند الشهادة الزور. ويلاحظ هنا تجاهل التفسير الدينى ويتم التركيز على دلالة جحود الابن. وأصبح عم كثير وصيًا عليه وأرسله إلى أطراف المدينة ليرعى قطيعا من الإبل بهدف إبعاده عن آثام الحياة الحضرية. وفى هذه المرحلة كما تقول الأسطورة، ظهر لكثير شكل معدنى أمره بقرض الشعر. وبالتالى ظهر له شيطان الإلهام فى فترة مبكرة من حياته، ونحن نرى أنه ليس شيطان الإلهام ولكن مؤلف الأسطورة هو الذى حول الإبل إلى أغنام، أخذ كثير إلى "الجار" على البحر الأحمر ليقابل كوكبة من النساء ومن بينهن اقتربت فتاة صغيرة لتشترى شاة، أعطاها إياها، هذا الفتى الذى اشتهر فى فترة كهولته بعدم اكتراثه بالمال (الجاحظ، البخلاء، القاهرة، ١٩٤٨ م، ص ١٦٥) ورفض أن يقبض الثمن. كانت هذه الفتاة هى عزة ابنة جميل من قبيلة ذمرة، وقد استحوذ جمالها على عقل كثير. وكانت عزة جميلة عذبة الحديث.

وفيما يبدو أن أسرتها زوجتها لأول رجل طلب يدها بعد أن أزعجتهم أشعار كثير فيها. وقد وصف كثير هذا الزوج فى شعره بأنه كهل وغيور وأنه استخدم سلطته كزوج لإجبار زوجته على توبيخ حبيبها وتجريحه ويحتمل أن هجرة عزة وزوجها لمصر لم تكن بسبب القحط الذى أصاب الحجاز فحسب ولكن لتجنب الحرج. إلا أن كثير لم يهتم كثيرًا بمشاعر غريمه، ووجد فى السفر إلى مصر فرصته ليرى عزة وصديقه عبد العزيز بن مروان، والى مصر الذى ساهم فى توطيد علاقة كثير بخلفاء وأمراء بنى أمية وهى العلاقة التى امتدت حتى وفاته.

وتردد أنه فى وقت سابق لهذه السفريات التقى كثير برجل أقنعه بمعتقدات الكيسانى وفى مراحلها المبكرة، كانت الكيسانية تدعو لحق محمد بن الحنفية ولد على بن أبى طالب فى الإمامة خلفًا لأخيه الحسين. وتعد علاقة الشاعر بابن الحنفية حقيقة