يقول ابن النديم. ومهمتها إضفاء الألوان على المعادن التى تخلو منها أصلا كما يرى جابر بن حيان، وأن تعمل على تغيير خواص المعادن بحيث يمكن الحصول على الذهب والفضة من خلال حيل (الغزالى). وبفضل الكيمياء يمكن تجنب الأذى والفقر (إخوان الصفا). ولذلك كان موضوع الكيمياء هو تحويل المعادن الخسيسة إلى معادن ثمينة. ومن هنا لابد من رسم حدود لا تتعداها: فعلم المعادن لا يدخل فى نطاق الكيمياء بمعناها الدقيق وإن كان يتحتم على الكيميائى -بطبيعة الحال- أن يكون على معرفة وثيقة بالمعادن (معرفة أيضًا بالحيوان والنبات)، ولا يدخل فى نطاقها صناعة الزجاج وتزييف الأحجار الكريمة كما لا تدخل فيها الأنشطة التعدينية مثل استخراج الحديد والذهب والفضة من خاماتها على نحو ما وصفه الهمدانى (كتاب الجوهرتين) بدقة تدعو للإعجاب، ولا يدخل فى مجالها المواد الكيماوية التى يستخدمها الصناع والحرفيون فى صناعة الأصباغ والألوان والعطور. أما عنوان "كيمياء العطر" الذى وصفه الكندى لكتاب له عن دحض العطور فهو ذو معنى مجازى شأنه شأن "كيمياء السعادة" التى يطلقها الصوفية على كتاباتهم. وأخيرًا ينبغى ملاحظة أن فكرة "كيمياء المستحضرات الطبية" لم يكن لها وجود فى العصور الوسطى الإسلامية. أما الأدوية المركبة فكان يعدها الطبيب أو الصيدلى طبقا لما جاء فى كتاب جالينوس "تركيب الأدوية" أو طبقًا للأقرباذينيات التى وضعها العرب. ولاشك أنه كانت توجد نقاط التقاء بين المهن المختلفة؛ فخبراء المعادن وصانعو العطور يعملون بنفس الأدوات والأجهزة التى يستخدمها الكيميائيون، بل إن بعض الكيميائيين قد مهر فى العلوم المتعلقة بها مثل محمد بن زكريا الرازى الذى صنف المعادن. ومهما يكن من أمر فإن فن تحويل المعادن يجب إخراجه من دائرة تلك المهن التى تعد أقرب ما تكون إلى الطابع العملى وذلك نظرًا لما تنطوى عليه من أسس نظرية.
لقد بدأت الكيمياء عند الإغريق. ولابد من ملاحظة أن الكتاب الرابع من "الآثار العلوية" لأرسطو -المشكوك فى