قليلة نسبيًا لا يقتصر لبسها على الرجال وحدهم، كما نرى تنوعا فى أغطية الرأس. وقد جاء ذكر ذلك فى كتاب من تأليف E. Anati عن الرسوم الصخرية فى وسط الجزيرة العربية ونشر فى لوفان سنة ١٩٦٨ م. وقد ظهرت صور بعض السيدات فى هذه الفترة المبكرة وقد لُفتْ أجسامهن تمامًا بالملابس. ونرى فى هذه الرسوم أنواعا من النعال والصنادل يرتديها الرجال والنساء.
وهؤلاء العرب الذين عاشوا فى نطاق المحيط الثقافى لإحدى الحضارات العظمى قد تأثروا فى الواقع بأزياء هذه الحضارات، فالملابس هى مظهر من مظاهر الثقافة وليس فقط الفنون والآداب والعمارة. وهكذا فإننا نرى تماثيل ملوك العرب فى الحَضَر فى بلاد العراق مصورة فى ملابس على الطراز البارثى (١). كما تظهر بعض التماثيل فى عباءة باكمام طويلة، تماثيل أخرى فى بنطلون فارسى وحبل الفستون العسكرى. أما العرب الذين عاشوا فى المدن المنتشرة فى صحراء الشام فقد ارتدوا ملابس على الطراز الهيللينستى الشرقى.
أما البدو فقد احتفظوا بتقاليدهم الثابتة فى طرز الملابس منذ فترة ما قبل الإسلام حتى الوقت الحالى. وعلى امتداد العالم الإسلامى كله كانت الملابس الفضفاضة هى السمة الشائعة جدًا فى أزياء الرجال والنساء. وذكر ابن خلدون فى المقدمة أن الدثار الذى يلف الجسم كان هو الزى المفضل لدى سكان القرى. وما ذكره ابن خلدون يحتاج إلى بعض التوضيح. فمن الثابت أن سكان المدن كانوا يرتدون الدثار أيضا وكان يزين بالزخارف المنسوجة ويلبس فوق ملابس ضيقة. وكان البدو دائما يفضلون ارتداء الملابس السوداء. وقد ورد فى التلمود البابلى ذِكْر الملابس السوداء العربية بلونها الأزرق
(١) نسبة إلى البرثيون أو الفرثيون، جماعات إيرانية عاشوا فى القرن الثالث قبل الميلاد، هزموا الرومان شمال الرافدين، وقد تأثروا كثيرًا بالحضارة الهيلينية. [هيئة التحرير]