ساعدت عليه البيئة العربية والدولية، ونزول القوات الأمريكية فى السابع عشر من يوليو، تطبيقا لمبدأ ايزنهاور، فإن برنامج الإصلاحات السياسية الذى أعد تحت رئاسة الجنرال فؤاد شهاب، كان يصاحبه حركة لبنانية إسلامية متفتحة. وفى نفس الوقت، راقت لكمال جنبلاط كدزى ارستقراطى فى منطقة الشوف، له دوره كقائد لحركة اجتماعية، فكرة وطنية لبنانية أساسية فى ظل جهوده لوضع البلاد فى قلب التضامن العربى. وأدى اختلال التركيب الديموجرافى المعروف إلى مزيد من الاضطراب، خاصة فى مجتمع يتكون من جماعات دينية، فقد زاد عدد الشيعة وأحسّوا بالتضرر، بالإضافة إلى الهجرة الداخلية من شرق وجنوب لبنان إلى بيروت للبحث عن عمل. وقد انعكس هذا على تصرفات الأحزاب السياسية اليسارية، التى بحثت أيضا بطريقة مشابهة، فى تصريف استياء فلاحى الشمال، الذين كانوا يوجهون ثورتهم منذ عام ١٩٧٠ م، ضد ملاك الأراضى الكبار، وأبدوا تشككهم فى سلطة الدولة. واكتسبوا أيضًا من خلال وضعهم القتالى الجديد، "مظهر المسلم" الأقوى.
حدث هذا التطور فى فترة من النمو الاقتصادى، الذى لم يكن يحظى الجميع على قدم المساواة بفوائده. فمنذ عام ١٩٦٧ م، اتبع المنحنى الصاعد للاقتصاد اللبنانى، منحنى الثراء المتزايد للشرق الأدنى بصفة عامة؛ فقد تم استثمار أصول أموال البترول الدولارية "العربية"، التى كانت ملكا للمسلمين، فى البنوك اللبنانية، التى يملكها مسيحيون وفى نفس الوقت، لم تعتمد لبنان على الثروات التى تحصل عليها من "الخدمات" فقط، لكنها اعتمدت أيضا على الثروات التى تحصل عليها من الصناعة، التى شهدت نشاطا كبيرا فى ضواحى بيروت وطرابلس، حيث صدرت ٨٠ % من إنتاجها إلى الأسواق العربية بينما أخذ الفنيون اللبنانيون ورجال الأعمال، الذين يضمون مسيحيين على درجة عالية من التنظيم، فرصتهم فى العمل فى الدول العربية النامية، فإن العمالة المتعاقدة فى صناعة الإنشاءات فى بيروت كانت من