ولذلك تجد فى "ألف ليلة وليلة" أن الأميرات يرتدين اللثام ويظهرن بمظهر الرجال، وقد يحدد العكس لنفس السبب. وثمة فعل مشتق من هذا اللفظ يعنى وضع اللثام وهو يستخدم مجازيا -وكلمة "تلثيمة" تعنى بصفة عامة "لثام المرأة". أما "تلثيمة البياض" فهو رداء خاص لضابط فى العصر الفاطمى حيث كان قواد الجيش يرتدونه مع "الطيلسان" إلا أنه يبدو أن أهل المدن لم يرتدوا "اللثام". وكانت عادة ارتداء اللثام منتشرة بين قبائل صنهاجة فى الشمال الغربى لإفريقية حيث يوصفون بالملثمين. وقد ذكر اليعقوبى وابن حوقل، وابن بطوطة، وابن خلدون عادة ارتداء اللثام. وقد وجد أن هذه العادة كانت سائدة فى أجزاء أخرى من إفريقية -مثل "كانم"(المقريزى ١٩٣، ٣٣) ولا زالت عادة ارتداء اللثام سائدة لدى الطوارق الذين كان لثامهم موضع دراسات خاصة عديدة- والطوارق لا يسمونه "لثام" بل يطلقون عليه اسم "تجلست" أو شاش (موسين) ويبدو أن أْصله يرجع إلى ما قبل الإسلام بل ربما عاد إلى قبل التاريخ- فقد عثر ليوفرو بنيوس على رسوم قديمة وصخور حفرت عليها أشكال بشرية لا فم لها ولا أنف بل لها عينان فقط. ويبدو أن الدافع الأول لارتداء اللثام هو دافع السحر أى لحماية الحياة من قوى الشر. ولقد احتفظ الإفريقيون باللثام حتى فى قيامهم بالرحلات إلى أراضى الإسلام الشرقية حيث لم يكن من الطرز الشائعة، أما نساؤهم فكن يرتحلن معهم بغير لثام. وثمة حكاية ابتدعها التراث فى مراحله المتأخرة تشرح هذه العادة الغريبة فتقول إنه وقع هجوم ذات مرة على إحدى القرى حيث كان بها عدد كبير من النساء وعدد قليل من الرجال فارتدى الرجال اللثام وأمسكت النساء بالأسلحة حتى لا يكتشف العدو عدد الرجال الحقيقى. وحكاية أخرى تقول إنه بعد سقوط الدولة الأموية هرب مائتان من الأسرة الأموية ومعهم بعض أتباعهم إلى إفريقية فى ثياب نساء وأن كل من يرتدى اللثام ينحدر من هؤلاء. ويقول البكرى إن هؤلاء الملثمين لا يخلعون اللثام إطلاقا، وإذا