ودعوى التضاد فى هذه الطائفة تهافت لأن معنى اللفظ لا تضاد فيه لأن الأوضاع مختلفة. فما النافية ليست هى ما الموصولة حتى نعقد تضادًا أو غير تضاد بين المعنيين. وأرديت الأولى فعلها ردى والثانية فعلها ردًا فيكون المتعدى منها بالهمزة أردأته أى جعلت له ردأ ثم تخفف الهمزة فتصير أرديته فتتفق مع الأولى فى النطق ولكل منهما مادة خاصة ووضع خاص، وكذلك مود الأولى من الأداة وأصلها مؤد وإذًا خففت الهمزة صارت مود فتوافق الثانية المأخوذة من ودى بمعنى هلك، فليس ثمة لفظ واحد له معنيان بوضع واحد. والفرق بين هذه الطائفة وبين الطائفة الخامسة اختلاف المادة هنا واتحادها هناك.
الطائفة التاسعة - أمثال: خبت النار بمعنى ركدت قالوا وهى فى قوله تعالى: {كُلَّمَا خَبَتْ زِدْنَاهُمْ سَعِيرًا} بمعنى التهبت لأن نار جهنم لا تخبو أبدا؛ شاة درعاء مقدمها أبيض ومؤخرها أسود؛ المأتم مجتمع النساء فى الفرح والمأتم مجتمع النساء فى الحزن.
والتضاد فى هذه الطائفة ضحك لأنه لا يتصل بالمعنى ولا يتصل باللفظ فلم يأت واحد منهما بشئ من التضاد، وإنما نشأ التضاد من مجرد تفسير اللفظ وتعبير المعبر فنار جهنم تخبو بالنسبة إلى درجاتها حتما، فالله تعالى يقول:{كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا لِيَذُوقُوا الْعَذَابَ}. والنار التى تشتعل فيها الجلود أشد فى هذا الوقت حماسة منها فى وقت نضج الجلود ضرورة انتهاء المدد الذى يذكيها ويشعلها كما قال تعالى {وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ}؛ والجلود من الناس فهى من الوقود ومتى قل الوقود خبت النار فمجرد تفسير القائل خبت بحميت هو الذى أتى بالتضاد المزعوم؛ وكذلك لو قلنا الشاة الدرعاء ما فيها بياض وسواد كأنها للبس درعًا لم يبق للتضاد أثر لأن التفسير والعبارة التى خلقت التضاد زالت فزال التضاد بزوالها واذ نقول المأتم جماعة النساء لم يكن فى المأتم تضاد.