ويعتبر القرن الخامس أفضل توثيقًا، خاصة لكثرة ما يوجد عنه من المصادر اليونانية والسريانية، التى تمدّنا ببيانات هامة عن ثلاثة من ملوك بنى لخم، الأول هو "النعمان" ويلقب بالأعور "السائح" لأنه باين الناس وأخذ يتجول فى الأرض عزوفا منه عن الدنيا، وليس هذا بمستبعد فقد عرف عنه أنه زار سيمون القديس الشامى بين عامى ٤١٣، ٤٢٠ م ويرتبط اسمه بتشييد قصر "الخورنق" الشهير وتكوينه فرقتين حربيتين هما الشهباء والدوسر، وخلفه "ابنه المنذر"، ويقال إنه حكم لأربعة وأربعين عامًا (يحتمل بين ٤١٨ - ٤٥٢ م) وشارك فى الحروب البيزنطية الفارسية عام (٤٢١ - ٤٢٢ م) بل ولعب دورًا أكثر أهمية فى الشئون الداخلية لفارس بتأييده "بهرام جور" فى اعتلاء العرش، ولا تتوفر معلومات كافية عن الملكين اللخميين التاليين له وهما (الأسود والمنذر الثانى) لكنها تتوافر عن الملك المحارب "النعمان الثانى" فقد اشترك فى الحرب البيزنطية الفارسية فى تلك الفترة. وفى عام ٤٩٨ م هزمه القائد البيزنطى يوجينيوس فى (وقعة بيترالبسوس)، وفى عام ٥٠٢ م زحف على "حران" حيث هزمه الرومان أول الأمر، ثم عاد فانتصر عليهم، ولكنه مات بعد ذلك بقليل متأثرًا بجراحه خلال المعركة ثم أعقبت ذلك فترة قصيرة خلا منها العرش من جالس عليه.
من بين القرون الثلاثة التى حكم خلالها اللخميون "الحيرة" نجد أن القرن الأخير منها هو الأفضل توثيقًا والأكثر أهمية. فقد برز فيه المنذر الثالث الذى حكم خمسين عاما (٥٠٣ - ٥٥٤ م) وشهدت الجزيرة العربية، لأول مرة خلال فترة حكمه، إعادة فرض السيطرة الفارسية، وكان المنذر فاعلًا ومؤثر، كملك عربى تابع "لخسرو أنوشروان" الذى اختصه بالإشراف على مجال النفوذ الفارسى. فى الجزيرة العربية، وكان على الدوام فى حرب مع ملوك جنوب الجزيرة، ففى عام ٥٢٠ م استقبل وفدًا من قبل ملك جنوب