زهرة بن كلاب وبنو تيم مرة وبنو الحارث بن فهد إلى جانب بنى عبد مناف وتعاهدوا على ألا يتخاذلوا ولا يسلم بعضهم بعضا ما بلّ بحر صوفة، أى إلى آخر الدهر، ولتأكيد هذا القسم جاءوا بجفنة مملوءة طيبا فوضعوها فى المسجد عند الكعبة ثم غمس الحلفاء أيديهم فيها ومسحوها بجدران الكعبة فسموا المطيبين.
وفى الجانب الآخر، انضم إلى بنى عبد الدار بنو مخزوم وبنو سهم، وبنو جمح وبنو عدى بن كعب وتعاهدوا نفس العهد فسموا الأحلاف، وتأهبت القبائل للقتال ثم تداعوا إلى الصلح، وعاد السلام على أن يتنازل بنو عبد الدار عن السقاية والرفادة لبنى عبد مناف.
وتذكر المصادر القديمة تشكيل الجماعتين، إلا أن بعضها لا يشير إلى الأحلاف. فيتحدث ابن قتيبة عن المطيبين فقط. ولكن يذكر محمد بن حبيب، فقرة عن الكلبى يطلق فيها اسم لعقة الدَّم على الأحلاف ويذكر هذا المؤلف فى كتابه المخبر أن هؤلاء القوم ذبحوا جملا وغمسوا أيديهم فى دمه ثم لعَق واحد من بنى عدى الدم فقلده الباقون ولهذا سموا لعَقة الدم. ويذكر ابن سعد فى الطبقات قصة مشابهة إلا أنه ذكر جفنة مملوءة بالدم ولم يذكر ذبح الجمل، ويكرر الفيروزأبادى فى القاموس (مادة لعق) هذه القصة، ويطلق لقب لعَقة الدم على الحلفاء الخمسة المذكورين، وقال إنهم لتأكيد عهدهم ذبحوا جملا ولعقوا دمه أو غمسوا أيديهم فيه ولكنه لم يذكر شيئا عن الظروف التى أحاطت بذلك.
تبين السيرة الفرق بين المطيبين والأحلاف من حيث الواجبات العامة فى مكة، ولكن لم يرد فيها اسم لعَقة الدم فى تلك المناسبة وإنما أطلق على إحدى الطائفتين من قريش المتصارعتين على وضع الحجر الأسود فى الكعبة عند بنائها. فتذكر السيرة أن بنى عبد الدار أحضروا جفنة ممتلئة بالدم وغمسوا أيديهم فيها وأقسموا هم ومعهم بنو عدى بن كعب على القتال حتى الموت، وهؤلاء هم الذين أطلق عليهم لعَقة الدم، ولكن لم تذكر السيرة ما إذا