للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الفارسية العقيمة، لهذا كان التعبير "ألقاب مشرقية" يتردد كتعبير عن الازدراء، لهذه الألقاب فى كتابات المؤلفين المغربيين أمثال المقرى والرحالة على بن ميمون الإدريسى الذى زار مصر وسوريا قبل الغزو العثمانى مباشرة، وكان عنيفا فى مقالته: بيان غربة الإسلام بواسطة صنفى المتفقهة والمتفقرة من أهل مصر والشام وما يليها من بلاد العجم، (كتبه عام ٩١٦ هـ/ ١٥١٠ م) فى هجومه على العلماء لحملهم ألقابا مثل شمس الدين وزين الدين مفضلينها على الأسماء السنية مثل محمد وعمر، ولإصرارهم على استخدامها فى التخاطب معهم، ووصف ذلك بأنه بدعة.

أطلق الأشراف الأدارسة من أهل مراكش الذين يدعون أنهم من ذرية على (كرم اللَّه وجهه) على أنفسهم لقب "الإمام"، أما الخوارج الرُّستميين من أهل تاهرت فلم يكتفوا بلقب الإمام على بل أضافوا إليه لقب الخليفة وأمير المؤمنين، ومن الواضح أن هاتين الطائفتين قد رفضتا الاعتراف بالحكم العباسى، أما أغلبية أهل أفريقية، الذى كانوا على صلة ببغداد من الناحية النظرية على الأقل، فإنهم لم يعطوا لأنفسهم هذه الحرية فى أمر الألقاب، إلا أن ظهور الدعوة الفاطمية فى شمال إفريقيا فى بداية القرن الرابع الهجرى/ العاشر الميلادى صاحبها ظهور ألقاب ذات طابع دينى تختلف تمامًا فى تركيبها ومعانيها عن الاتجاه العباسى، ولاشك أن هذا الاتجاه الجديد كان له وقعه فى الأندلس، إذ لم يكن أمام الحكم الأموى فى الأندلس، الذى كان يدافع عن وجوده على المستويين الثقافى والفكرى ضد العباسيين فى بغداد والشيعة الفاطميين الذين يظهرون له العداء، إلا أن يهتم بالقيمة الدعائية السياسية والدينية للألقاب. فأطلق عبد الرحمن الثالث، أعظم ملوك الأمويين الأندلسيين، على نفسه لقب الناصر لدين اللَّه بعد انتصاره على ابن حفصون عام ٣١٥ هـ/ ٩٢٧ م بالإضافة إلى لقبى الخليفة وأمير المؤمنين، وبذلك وضع نفسه فى المسار التقليدى العباسى فى