ظل شمال إفريقيا لزمن أطول مخلصا لمثاليات المساواة المتشددة التى هى الصورة الأولى للإسلام فى رفضه للألقاب الفخمة، وذلك بعد انتهاء دولة الفاطميين الإسماعيليين وسيطرة المذهب المالكى المعتدل على يد المرابطين، وكان المرابطون، فى البداية يعترفون بالحكم العباسى، ولكنهم تأكيدا لسلطتهم على شمال إفريقيا، أطلقوا على أنفسهم لقب أمير المسلمين، ولا يعرف أحد إن كان من تلقاء أنفسهم أو بموافقة بغداد، وهكذا نشأ من سماه فان برشم Van Berchem " بالخلافة الفرعية"، حيث يعترف حكامها بسلطة أعلى من سلطتهم وبالتالى لم يتخذوا ألقابًا تدل على استقلالهم الكامل وعدم اعترافهم بسلطة أعلى. ثم جاء الموحدون إلى الحكم فى منتصف القرن السادس الهجرى/ الثانى عشر الميلادى على موجة من الحماس الدينى وتحت قيادة قائد عظيم هو المهدى محمد بن تومرت الذى أعاد استخدام الألقاب التى سبق أن استخدمها الفاطميون فى المغرب قبل ذلك بقرنين من الزمان. وفى حياة ابن تومرت، لقّب نائبه عبد المؤمن خليفة المهدى وأمير المؤمنين بمعنى المؤمنين من أتباع المهدى، وعندما توفى ابن تومرت صار عبد المؤمن إمام الجماعة وتلقب بالقائم بأمر اللَّه، ومنذ عهد أبى يوسف يعقوب المنصور (٥٨٠ - ٥٩٥ هـ/ ١١٨٤ - ١١٩٩ م) حمل سلاطين الموحدين ألقابا تحمل الطابع الدينى المألوف.
هكذا كان نمط الألقاب فى الدول الثلاث التى خلفت الوحدين فى المغرب والأندلس وهى دولة بنى نصر فى غرناطة والمرينيين فى مراكش والحفصيين فى إفريقيا. وينتسب الحفصيون إلى الشيخ أبى حفص عمر، صديق المهدى بن تومرت ونصيره المشهور، وأطلق الحفصيون على أنفسهم لقب الموحدين (وقد اعترف ديوان الإنشاء المملوكى فى القاهرة بهذا اللقب فكان يخاطبهم بلقب زعيم الوحدين وقدوة الوحدين) وكان إعلان أبى عبد اللَّه محمد (٦٤٧ - ٦٧٥ هـ/ ١٢٤٩ - ١٢٧٧ م) ثانى حكام الحفصيين للخلافة عام