الملك النعمان) لم تكن موفقة فيما يظهر. وانغمس الشاعر فى السياسة انغماسًا شديدًا، ذلك أنه لما سقط الملك النعمان سنة ٥٠١ أو ٥٠٢ م كان البَكْريون قد بدأوا غاراتهم على أرض العراق المزروعة بمحاذاة حد الفرات حيث كان الأعشى يقيم فيما يظن مع بنى شيبان بن ثعلبة الأقوياء الذين كانوا يشاركون بنى قيس بن ثعلبة المتبَدِّين المنطقة التى كانوا هم يهاجرون اليها صيفًا، وقد هدد الأعشى بإلحاق الهلاك والدمار بوادى الفرات فى ردّ جرئ على كسرى الثانى الذى كان قد طالب بالرهائن. وبمثل هذا من شجاعة واجه قيس بن مسعود زعيم بنى شَيبان حين التجأ قيس إلى البلاط متاثرًا بالهزائم الكبيرة التى نزلت به (قصيدة ٣٤، ٢٦) ومن ثم جاز القول بأن الشاعر قد ساعد على نشوب وقعة ذى قار سنة ٦٠٥ م. وإذا كانت الأشعار الشوارد المحزمة رقم ٥، والأرقام من ٣٢ - ٥٠ تشير حقا إلى إياس بن قبيصة، فإن الأعشى يكون أيضا ذا نشاط فى ذلك التغير الذى لم يلبث أن أعاد المنتصرين فى ذى قار إلى الخضوح للنفوذ الفارسى. وقدر الشاعر فى موطنه هو لصالح الأمير الشرعى هرعة الذى كان يدين له بالفضل وسخر من الغاصب الحارث ابن وعلة (الأشعار ٧، ٤ - ٦، ٣٠) وفى هذه الأثناء كان قد ترك بنى شيبان منحازًا بنى قيس بن ثعلبة، لأنه رأى أن بنى شيبان قد دنسوا شرف قبيلته (الأشعار ٦، ٩). ومن ثم شعر بإساءة شديدة عندها وجه إليه الاتهام فى موطنه بعد ذلك بسنين قليلة وخسر بذلك القضية. والحق أن الأعشى كان مستعدًا كل الاستعداد للوصول إلى محل سلمى حتى واجهه خصمه بشويعر اسمه جهنام والتقى الاثنان فى سوق قرب مكة، وهنالك أثار عليه جهنام طائفة من الرعاع أطبقوا عليه بالسياط وكعوب الحراب، ولكنه أخرسه بأشعاره التى أطلق فيها الأعشى لأول مرة شيطانة "مسحل"(١٤، ٣٨، ١٥). وقد أتيحت للأعشى مرة من قبل فرصة التخلص من مأزق خطير بقصيدة ارتجلها ارتجالا (عن السموأل، وتدخل الأعشى من بعد فى العراك الذى نشب بين عامر بن الطفيل وعلقمة بن علاثة سواء برضاهما أو بغير رضاهما (١٨، ١٩). وقد دافع عن عيينة وخارجة من بنى فزارة (غطفان، ضد زبان بن سيار وهو زعيم