وكانت المظاهرات تشتبك فى صدامات عنيفة مع قوات البوليس، وانتهى ذلك بإلغاء برامج التنمية وقيدت الحريات السياسية ومن تلك اللحظة اتجهت السياسة الليبية إلى نظام حكم العائلة الضيق وشهد العقدان التاليان زيادة الضغوط الداخلية فى المجتمع الليبى. وقد تم اكتشاف حقول البترول اعتبارا من سنة ١٩٥٥ م، وفى سنة ١٩٢٦ م انضمت ليبيا إلى منظمة أوبك. وفى سنة ١٩٦٩ م كانت ليبيا رابع أكبر الدول المنتجة للبترول. ومنذ ذلك الوقت خرجت من دائرة الدول الفقيرة التى تعتمد على المساعدات الاقتصادية، وأصبحت دولة غنية وبدأت تنفذ خططا تنموية مستغلة أموال البترول المتدفقة، وانعكس ذلك على وضعها السياسى فى الخارج.
أما فى الداخل فقد بدأت التطورات الحضرية ومن ثم ظهور طبقة التجار والفنيين والعماله المساعدة، وبدأ العاملون فى مجال البترول وأحواض السفن وغيرها فى تكوين نقابات واتحادات عمالية وتجارية. وظهرت وتبلورت تجمعات وطبقات اجتماعية جديدة بمتطلباتها، وطالبت تلك القوى الاجتماعية الجديدة بإصلاحات سياسية واجتماعية عديدة وتأجج الشعور الشعبى فى ليبيا بالقومية العربية وبالأفكار الناصرية السائدة وقتذاك. . .، وكان ذلك هو الاتجاه الشعبى فى ليبيا.
أما الحكومة الليبية التى كانت مرتبطة بعلاقات ود قوية مع دول الغرب منذ عام ١٩٥٣ م فى سياستها الخارجية ووجود قواعد عسكرية بريطانية وأمريكية فى ليبيا، فإنها لم تظهر تشجيعا وتعاطفا مع السياسة الناصرية، وذلك على الرغم من انضمام ليبيا إلى حظر تصدير البترول إلى دول الغرب بعد العدوان الإسرائيلى على مصر وسوريا والأردن فى سنة ١٩٦٧ م، وإن ليبيا عضو فى الجامعة العربية. . .، وقد أدى ذلك فى النهاية إلى تقويض سلطات الملك، وتم خلع إدريس السنوسى بعد ثورة الفاتح من سبتمبر ١٩٦٩ م. وعلى الرغم من الحماس