وبعد سلسلة من الانتصارات فى آسيا الصغرى رفض المأمون اقتراحا بتبادل الأسرى والهدنة لمدة خمس سنوات وانسحب الخليفة إلى دمشق ومنها اضطر للتحرك شخصيا إلى مصر لإخماد ثوره المسلمين والقبط ضد عبء الضرائب الزائده وبعد ما تحقق ذلك أدخل "المأمون" إصلاحا ماليا أحل نظام القباله محل الطريقة السابقة لتحصيل الضرائب وبذلك أظهرت الدولة استعدادها للتعاطف فى الظروف الصعبة وعند الضرورة وإضافة إلى ذلك تحسنت العلاقات مع أهل النوبة مما مكن المسلمين من تعزيز سيطرتهم على أرض النيل.
بعد تهدئة الوضع فى مصر، عاد المأمون إلى الجبهة مع "بيزنطة" فى ٢١٧ هـ/ ٨٣٢ م بهدف تحقيق السيطرة فيما وراء "طوروس" انتهى حصار حصن "لؤلؤة باستسلامها وطلب الأمبراطور "ثيوفيلوس" مجددا بوقف القتال وتبادل الأسرى بلا جدوى.
ورغم انشغال المأمون بجبهة الحرب مع "بيزنطه" والمصاعب السياسة التى أثارتها حركات العصيان المستمرة: "الرنج" فى جنوب العراق و"حركة بابك الخزمى" فى شمال اذربيجان) إلا أن المأمون "لم يهمل الشئون الثقافية (إنشاء بيت الحكمة فى ٢١٧ هـ/ ٨٣٢ م) ولم يفقد وضوح الرؤية فيما يتعلق بتحقيق سياسته والتى اعترف بها علماء السنة، وخلال الإعداد لحملته الرئيسية فى ٢١٨/ ٨٣٣ (استهدفت "عموريه" مسقط رأس الأسرة الحاكمة البيزنطية وقلب الإمبراطورية) انشغل "المأمون" بنزاع معه فتسبب فيما عرف بمحنة خلق القرآن فى ربيع أول سنة ٢١٨ هـ/ ٨٣٣ م وكان ذلك قبل وفاته بأربعة أشهر ومنذ حينه تبنى كل "العلماء "فكر" المعتزلة" سواء فى خدمة الدولة أو بشكل مستقل عن السلطة العباسية.
وقبل وفاته بقليل لم يختر المأمون ابنه المسئول عن "العواصم" خليفه له وإنما اختار لذلك أخاه "المعتصم" وكان مسئولا عن الجند الجدد من (بلاد ما وراء النهر) وأشار فى وصيته السياسية بالسير على نهج أعماله