منهجية وداحضًا بالأدلة مواقف المعتزلة، لاسيما ممثلهم الرئيسى فى المشرق أبو القاسم البَلْخى، وداحضًا الكرامية (الحشوية) من أهل السنة التقليديين، والشيعة الإمامية، والاسماعيلية ممثلين فى محمد بن أحمد النسفى (ت ٣٢٢ هـ/ ٩٤٣ م) فى ما وراء النهر. أما عن الأديان الأخرى فقد رد على آراء المسيحيين واليهود والزرادشتيين والمانوية وغيرها. ومذهبه -فى جوهره- أكثر عقلانية بصفة عامة، وباستثناء تعريفه للإيمان القائم على فكر المرجئة، فهو أقرب إلى المعتزلة منه إلى الأشاعرة، ولكنه فى مفاهيمه ومصطلحاته الفنية كان أقل تأثرًا بالمعتزلة منه بالأشاعرة، وكان معتزليًا متدربًا قبل أن ينشق عليهم.
ويذهب الماتريدى -وهو فى ذلك يتخذ موقف المعتزلة- إلى أن الإنسان بوسعه معرفة اللَّه، وهو ملزم بذلك، وملزم بحمد اللَّه وشكره وهو فى التزامه هذا يستند إلى العقل وحده دون الاستعانة بالوحى أو النبوة. وفيما يتعلق بصفات اللَّه فهو يرى (شأنه شأن المعتزلة) أنه من الجائز اللجوء إلى التفسير المجازى للتعبيرات التى تنطوى على تشبيه الذات الإلهية بالإنسان فى القرآن الكريم، وذلك على الرغم من أنه رفض بعض التفسيرات المعتزلية فى هذا الشأن. وفى مواضع أخرى نراه يستند إلى صيغة "بلا كيف" التقليدية، إذ يصر على قبول النص الذى نزل به الوحى دون تساؤل، وهو يرى -على عكس المعتزلة- أن الصفات الإلهية، مثل العلم والقدرة، صفات حقيقية وقائمة بالذات الإلهية وعلى الرغم من قبوله التمييز -من حيث المصطلحات الفنية- بين الصفات الذاتية والصفات الفعلية، إلا أنه يرى -على عكس المعتزلة والأشاعرة- أن الصفات الفعلية أبدية أيضا وقائمة فى الذات الإلهية. ولذلك فهو يؤكد على أن التعبيرات من قبيل "اللَّه هو الخالق أبدا". . وأن اللَّه "لم يزل" خالقا تعبيرات صحيحة رغم أن العالم المخلوق عالم مؤقت. وكان رأيه القائل بأن "التكوين"(أى إيجاد الموجودات) أبدى ويتميز عن "المكوّن" -يعنى الموجودات- إلا أن هذا الرأى كان