وأهم مؤلفاته كتاب الموطأ وهو يعتبر -باستثناء مجموع الأحكام لزيد ابن على- أقدم كتب الفقه الإسلامى الباقية حتى الآن. وهو يستهدف تقديم دراسة للفقه والعدالة: وشعائر الدين وممارستها حسب إجماع المسلمين فى المدينة، وحسب السنة المعمول بها فى المدينة -كما يستهدف إيجاد معيار تنظيرى للأمور التى لم تحسم من وجهة نظر الإجماع والسنة. ففى عصر اتسم بالإقرار بالشريعة وتقديرها فى ظل العباسيين الأوائل، كان هناك اهتمام عملى بتحديد "طريق ممهد"(وهذا هو معنى الموطأ) بين الخلافات البعيدة الأثر فى الرأى، حتى حول أبسط المسائل الأولية. . وكان مالك يريد أن يساعد هذا المنحى من الاهتمام على أساس ما يجرى ممارسته فى الحجاز، وأن يصنف القانون العرفى فى المدينة ويرتبه ترتيبا منهجيا. "فالحديث" الذى يفسره من وجهة نظر الممارسة، ليس -بالنسبة له- غاية، بل وسيلة؛ لذلك فلم يكن مالك يستشهد بالفقهاء الأقدمين إلا كمراجع فحسب. ولأنه كان يهتم فقط بتوثيق السنة، وليس انتقاد شكلها، فقد اهمل "الترتيب" فى تعامله مع الأحاديث. . ومن ثم فإن "الموطأ" يمثل التحول من الفقه البسيط فى العصر الأسبق إلى العلم الخالص "للحديث" فى العصر الأخير.
ولم يكن مالك وحده من بين معاصريه فى "تأليف" الموطأ إذ أن العديد من علماء المدينة فى الفترة نفسها قد سجلوا أعمالا على نمط الموطأ، ولكن هذه الأعمال ضاعت ولم يبق فيها شئ. وإن نجاح الموطأ يرجع إلى حقيقة أنه دائما يسلك الطريق الوسط ويأخذ بوجهة النظر الوسط حول النقاط موضع الخلاف.
ب- أما فيما يتعلق بما إذا كان مالك قد وضع أعمالا أخرى غير الموطأ فهذا أمر موضع شك. (وما جاء فى الفهرست عن عدد من الأعمال الأخرى التى كتبها مالك غامض وغير مؤكد) والكتب التى نسبت إليه تنقسم إلى مجموعتين: ما يتعلق بالشرع، وما يتعلق بغير ذلك. ومن بين الكتب التى تتعلق بالشرع نقرأ عن "كتاب السنن"