الحضارات القديمة بعد أن فتحها الخلفاء الراشدون -إثراء الأمثال فى هذه المناطق ثراء عظيمًا، وذلك إما بابتداع أمثال جديدة أو باستعارة أمثال قديمة أو تطويرها، وهذا النوع من الأمثال يشكل الطبقة الثالثة للعصر العباسى الأول من الأمثال وتمتد جذورها حتى عصر أبى عبيد أى إلى أوائل العصر العباسى.
أ) فقد سمح أبو عبيد لكثير من هذه الأمثال أن ترددها أفواه الناس خلال تبادل الأحاديث. وبدأ يرصد من حين إلى حين ما يطلق عليه "من أمثال العوام أو العامة" أو "ابتذلته العوام أو العامة أو الناس" مثال ذلك "اسمع جعجعة ولا أرى طحنا" أو "إن البغاث بأرضنا يستنسر" أى أن الطائر الصغير يلعب دور النسر. أو "بعتُ جارى ولم أبع دارى أو أكلًا وذمًّا" أو "الناس شجرة بَغْى".
ب) وإذا كان من الجائز القول -بوجه عام- إن نظائر الأمثال العربية فى اللغات والثقافات الأخرى القريبة منها تكون أكثر ظهورا كما كانت هذه الثقافات يافعة، فإن التساؤل حول ما إذا كان هذا المثل أو ذاك قد صك صكا جديدًا أو استعير أو صيغ على منوال مثل قائم بالفعل هذا التساؤل يظل -فى كثير من الحالات- بغير جواب. ذلك أنه لا يكاد يوجد فرق بين الخلفية أو المحيط الاجتماعى الذى نشأ عليها مثل ما من الأمثال وذلك الذى نشأ فيه آخر. وفى حالة ما إذا تبادر إلى الذهن -بصورة تلقائية- وجود تشابه أو برز وجه من وجوه المقارنة فلا يعنى هذا أن ثمة نموذجا أجنبيا صيغ على منواله هذا المثل أو ذاك بالضرورة. ولكن إذا ما لاحظنا وجود مجاز نادر فعندئذ علينا أن نفترض -بقدر أكبر من الترجيح- أن تعديلا ما قد أدخل على مثل أو حكمة أجنبية مثال ذلك:"إن كنت ريحا فقد لقيت إعصارا". فهو مثل له ما يشبهه -مع تغير طفيف فى المعنى- فى العهد القديم، بل وربما فى العهد الجديد أيضًا. وثمة احتمال كبير فى أن المثل القائل "صار الأمر إلى النزعة"[أى عاد الأمر إلى أهله] له نظيره فى الآيكنية. ولكن المشكلة تبدو أكثر صعوبة فى حالات أخرى، مثل: "من