وفى أثناء غياب مجاهد، يبدو أن المعطى قد حاول الاستيلاء على السلطة فى دانية لنفسه (ربما قد تشجع بأخبار ما يواجهه مجاهد من صعوبات فى حملته)؛ وقد نفاه مجاهد إلى مكان قصى فى شمال أفريقية بمجرد عودته.
وفى الثلاثين سنة التالية حكم مجاهد بنجاح ظاهر، واحتفظ بدانية (معزولة جغرافيًا نسبيا) بعيدًا عن التيار الرئيسى للسياسات الأيبيرية؛ ويبدو أنه احتل مرسية بصفة مؤقتة فى نهاية حياته؛ ولكن لم يكن له طموحات للتوسع الإقليمى داخل شبه الجزيرة بعد توطيد حكمه.
وبالنسبة للفترة الطويلة الوسطى لحكمه، فإننا لا نعرف شيئًا عن الإصلاحات السياسية تقريبًا, ولكننا على دراية نسبية بالحياة الثقافية فى بلاطه. كان مجاهد مثل كثير من ملوك الطوائف تواقًا إلى أن يقدم نفسه نصيرًا سخيًا للأدب والفن، وكان يضع نفسه دائمًا فى مكانة العبد الرقيق المثقف الذى يشجع الأنشطة الثقافية والأدبية بإخلاص: ذاع صيت دانية بأنها مركز للدراسات الفقهية، ويرى Urvoy, أن منطقة الساحل الشرقى كلها، كانت مقرًا لشكل دينى جدى بدرجة أكثر للثقافة فى الأندلس فى ذاك الوقت قل - من: قرطبة أو من اشبيليه (ومن المثير للفضول أن نتكهن ما إذا كان اهتمام مجاهد بهذا الفرع الخاص من المعرفة وتشجيعه له، لم يكن مرتبطا على ما يحتمل باسمه "مجاهد"، وهو أحد الطلاب المعروفين لهذه (المادة = القراءات) ذائع الصيت ابن مجاهد من القرن السابق) ولكن علماء فى مجالات كثيرة أخرى جاءوا ليحظوا برعاية (والى دانية): وكتب ابن غرسيه عمله الشهير بعنوان "شعوبى رسالة" فى بلاط مجاهد، وابن برد الأصغر أهدى إليه رسالته المسماة "رسالة السيف والقلم"(النص فى ابن بسَّام، الذخيرة، تحقيق: إحسان عباس، بيروت سنة ٣٩٩ هـ/ ١٩٧٩ م جـ ١، ص ٥٢٣ - ٥٢٨)؛ كما ألفت أعمال كثيرة هناك، وفى أماكن أخرى تحت رعايته.
ويقال إن مجاهد نفسه قد كتب عملًا فى العروض، ولكن ليس معروفًا أنه قد بقى شئ من هذا العمل. كما قضى ابن حزم، وابن عبد البر زمنًا فى بلاط