للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ذلك. أما بالنسبة لشاعر دينى مثل ناصرى خسرو" (القرن الخامس الهجرى - الحادى عشر الميلادى)، فإن جوهر الموضوع يستحق الشجب لأنه يرمز إلى الحب الدنيوى الفانى وإلى الشعر العابث.

أما تطور هذه القصة لتصبح واحدة من أكثر الموضوعات المحببة فى التراث الصوفى، والتى عولجت فى أعمال لا تحصى كتبت بالفارسية وبلغات كثيرة أخرى، فهذا موضوع يستحق البحث والتحقيق, وكذلك كان المجنون وليلى أيضًا بالنسبة للشعراء نموذجا للحبيبين مثل عديد من النماذج الأخرى: محمود و"اياز"؛ فرهد وشيرين؛ أو الحبيبين اليونانيين وامق وعذرا. ويقول جلال الدين الرومى إن المجنون ومعه فرهد وغيره ينتمون إلى النماذج الأصلية للعشاق الذين يلجأون إلى الجبال والصحراء ويهيمون فيها وحولها بسبب الحب.

وقد كانت "الأخبار" مصدرا ثريا للحكايات والنوادر "التوضيحية" بالنسبة للكتَّاب والشعراء وقد اعتمد عليها أحمدى غزالى، كما اعتمد الكتَّاب اللاحقون على نظرية الحب ومن بين مؤلفى القصائد المثنوية الصوفية ممن يستحق الاهتمام الخاص فريد الدين عطار وفى عام ٥٨٤ هـ/ ١١٨٨ م ألف "نظامى" جانجا بناء على طلب من شروان شاه اخستيان Shirwan Shah Akhsitam " مثنوية ليلى والمجنون" على وزن "هزجى مقبوض محذوف"، وتضم خمسة آلاف بيت وهذا هو الجزء الثالث من مجموع القصائد المعروفة باسم "الخمسة" وقد اختير الموضوع لأول مرة على أنه مادة لقصيدة قصصية فارسية، ولكن هناك سابقة فى معالجة مثل هذا الموضوع ذى الأصل العربى. وهذه السابقة نجدها فى "ورقا وجلشاة" تأليف "عيوقى".

و"ليلى والمجنون" هذه كانت نقطة البداية لسلسلة طويلة من المحاكاة والقصص المماثلة والتى كتبت بكل لغة فى المنطقة ويتضح فيها التأثير الثقافى للأدب الفارسى. وقد اقتبس الشعراء الذين حاولوا محاكاة النموذج الذى وضعه نظامى، معظم محتوياته والوزن كذلك، بل وعناصر من تركيبته مثل