وكانت هذه المحاكم مختصة بالتحقيق والنظر فى الشكاوى المرفوعة ضد عمال الإدارة ذوى النفوذ من المظالم التى تقع منهم فى أمور جباية الضرائب أو عدم صرف أو تخفيض العطايا والمنح للمستحقين لها أو الاستيلاء غير المشروع على الأموال والأملاك، وكذلك عدم مراعاة القيام بالشعائر الدينية الواجبة.
وكانت فارس، إلى أن فرض الصفويون مذهب الشيعة الإمامية، سنية المذهب، طبقا للفقه الشافعى والحنفى. ولذا ساد نظام التفويض كأساس لحجية أحكام القاضى، حيث يكون التفويض أصلا من الخليفة، فإن ضعف سلطان القضاء فمن الحاكم أو "صاحب الشوكة". ولم يكن ينظر للقاضى على أنه يعمل باسم من فوضه، بل كنائب عن الخليفة أو الرسول [-صلى اللَّه عليه وسلم-]. ومع انهيار الخلافة على يد التتار، أصبح ينظر إليه كنائب عن الرسول [-صلى اللَّه عليه وسلم-]، مما عزز من استقلاله، فلم يكن يعزل بموت من فوضه، بينما كان موت القاضى يترتب عليه خلو كافة الوظائف المعاونة له. إلا أن استقلال القضاة كان قاصرا لسببين، أولهما أن القاضى كان عرضة للعزل من قبل من عينه، والثانى أنه لم تكن تحت إمرته أداة تنفيذية لتنفيذ أحكامه. وقد يكون اختصاص القاضى عامًا أو مقيدًا.
وطبقا للمذهب السنى فإن سلطة القاضى مستمدة من الرسول [-صلى اللَّه عليه وسلم-]، أما فى المذهب الشيعى فهى مستمدة من الإمام، بصفته معينا من قبل اللَّه سبحانه وتعالى، وهو الوحيد صاحب الحق الشرعى فى الحكم. وكانوا يفرقون بين أوقات وجود الإمام وغيبته، وفى الحالة الثانية كانوا يلجأون للتعاون مع السلطات غير الشرعية من وجهة نظرهم تطبيقا لمبدأ التقية.
أما بالنسبة لتطبيق الحدود، فهى للإمام ولمن يعينه. أما حين يتولى "الطغاة" السلطة، فللأفراد توقيع العقوبات على ذويهم وعبيدهم، ما لم تكن هناك خشية عليهم من السلطان. فإذا كان الإمام الشيعى معينا من قبل