يسألونه موقفه تجاه المختار رد عليهم ردًا دبلوماسيا ليس فيه شئ من الالتزام عليه نحوه، ولكنهم فسروا رده هذا كأنه نوع من الموافقة طالما أنه لم يشجبه شجبا تاما، وترتب على هذا أن انتشرت الحركة الثورية انتشارًا واسعًا، وأريقت دماء كثيرة ثأرًا للحسين ولسواه من العلويين، إلا أن محمد بن الحنفية كان معارضا لهذا الأمر أيضا، غير أنه لما أصبح اتجاه عبد اللَّه بن الزبير المعادى يزداد وضوحًا يوم بعد يومًا (حتى لقد سجن ابن الحنفية ورهطًا من أقاربه من بينهم عبد اللَّه بن عباس وكان حبسها أياهم بمحلة قرب بئر زمزم) لم يجد محمد إلا أن يتجه إلى المختار يسأله العون والنجدة وكان هذا هو ما يسعى إليه المختار ومن ثم أسعفه بطائفة من الفرسان فى الحال بعث بهم إلى مكة وخلصوا ابن الحنفية ومن معه من أسرهم وجاء ذلك العمل فى اللحظة المناسبة، ولكن سرعان ما أمر بن الحنفية بتجنب محاربة عسكر بن الزبير حتى لا يُدنَّس الموضع الطاهر بالدماء المهراقة، ثم فر ابن الحنفية وأهل بيته إلى منى واعتصموا بها، ثم ذهبوا بعدها إلى الطائف، ولم يحاول محمد استغلال المختار، ومن ثم لم يمكن التوصل معه إلى وضع محدد حين فشلت الثورة.
وينسب الناس دائما سلبيته الشديدة فى ساحة السياسة إلى دوافع دينية خالصة، فقد كان يرى أنه ما من قوة بشرية إلا مشيئة اللَّه وحده تستطيع أن تعيد لبيت علىّ حقوقهم، لكن يجب أن نضيف إلى ذلك سبب آخر ونعنى به أنه كان ينقصه القدرة على المغامرة والثقة بالنفس.
والأمر الذى يبلغ منتهى العجب هو أن الشيعة اعتبروه فى أعقاب ذلك وبعد موته أنه لم يمت ولكنه يعيش فى مملكة جميلة على جبل رضوى غرب المدينة، وأنه سوف يعود كقائد جيش منتصر، وكان هذا هو فكرة الرجعة التى ربطها عبد اللَّه بن سبأ بعلىّ وها هى تنتقل منه إلى ابن الحنفية.