لقد زارها وذلك سنة ١٨٤٦ م وصار إلى فلك الدولة العثمانية، وراح يتاجر مع الدول الأوربية ويستعين بالقناصل الأوربيين فيما يتعلق بالاحتكارات ويستفيد من التجربة الأوربية فى تقدم البلد، وأذن فى سنة ١٨٤١ م لإنجلترا التى كانت من أكبر الدول التى عملت على إضعافه، أن تنشئ خطا منتظما لتجارتها مع الهند، تنقل فيه تجارتها برا. من الإسكندرية إلى السويس، كما رتب زيارة له لإنجلترا ولكن لم يقدر لها أن تتم، ولقد تزامن بلوغ قوة محمد على الحربية والسياسية ذروتها مع انهيار مركزيته الإدارية والاقتصادية. أما من ناحية الأراضى فقد ظل الأمر على ما هو عليه من إقطاع أسرة الوالى أراضى زراعية كبيرة، سميت "بالابعاديات" وذلك منذ العقد الثالث من القرن، وقد بلغ هذا النظام ذروته فى العقد الخامس من قلة المحصول وانتشار وباء الكوليرا وتفشى طاعون الماشية والأغنام مما أدّى إلى تأخير الضرائب وتراكمها، هذا إلى جانب أن ملاك الاقطاعيات رأوا أن الخير لهم فى القضاء على الرقابة الحكومية على الأسواق وفى اتصالهم المباشر بالمشترين، وبهذا قام صراع داخلى فى منتصف الأربعينيات بين ملاك الأراضى ومشايخ القرى حول انتفاع كل جانب منهم بالفلاحين، وقد أدى هذا كله إلى استمرار ضعضعة الاحتكارات وسقوط نظام الرقابة فى الريف الذى ابتدعه الباشا، مما ترتب عليه قلة دخل الحكومة وتدخل التجار الأجانب فى موضوع الزراعة فى الداخل، كما أخذت المصانع فى التوقف وكان هذا نتيجة طبيعية إلى انتهاء العمر الافتراضى للآلات وعدم حسن صيانتها وقلة المهارات الفنية، كما قلت موارد المياه التى تضخها الآلات التى أخذت هى الأخرى فى الضعف لسبب عدم موالاتها بالإصلاح كما يرجع بعض منه إلى نفوق كثير من ثيران إدارة السواقى نتيجة لانتشار الطاعون، كذلك أدى تقليل عدد الجيش إلى اضعاف قوة الشراء من السوق المحلية مما نجم