رسميا مقاليد الحكومة فى سنة ١٨٤٨ م، لكنه ما لبث أن مات بعد ذلك بأربعة شهور فقط. وحينذاك خلفه عباس باشا (الأول) الذى استطاع تأكيد وراثة مصر فى الأسرة. أما الباشا "العجوز" فقد مات بالاسكندرية يوم الثانى من أغسطس ١٨٤٩ م وهو لا يدرى بما يجرى حوله ودفن بجامع القلعة الذى كان قد شرع فى بنائه ثم أتم عباس اصلاحات محمد على وامبراطوريته ولم تكن مصر تفرغ من حرب حتى نهاية الفترة الأخيرة من حكمه إلا لتدخل فى حرب، وكانت جهود الباشا فى عهد تدعيم وإرساء الدولة منصبة على محاربة منافسيه وخصومه المحليين واتجه خارجيا فحارب "الوهابيين" فى شبه الجزيرة العربية ثم كان دخوله السودان عقب انتصاره فى الحجاز وتلى ذلك حملاته فى بلاد اليونان وحربه فى الشام وكان هدفه من كل هذه الحروب تأكيد قوة مصر وجعلها دولة إقليمية كبرى مع حرية التحرك داخليا وخارجيا، ولا يعرف على وجه التأكيد أكان يهدف حقا فى أخريات الثلاثينيات إلى الاستقلال التام أم كان ذلك مجرد طلب ليضمن أن يكون الحكم وراثيا فى كل امبراطوريته تحت السيادة العثمانية. ولقد رأى الفلاحون فى التجنيد الاجبارى مضرة بهم، وكان أبناء الأسرات والأقوياء يؤخذون بالسلاسل، وما يكاد الجيش يُجمع حتى تصرف له الملابس والأطعمة ويتم تدريبه ويُمد بالسلاح ويعنى به صحيا وتدفع للجند رواتبهم، وقد تطلب ذلك كله أموالًا كثيرة، فوقع عبء ذلك على وجه الخصوص على الريف، وإذا كان قد قصد بالتجارة فى المحصولات الزراعية تمويل الحملات فإن الصناعة قد خصصت للصرف على ملابس العسكر وتجهيزهم. ولقد عده المؤلفون المصريون بطلا قوميا، كما أن رغبته فى اقتباس المعرفة والتكنولوجيا من الأوربيين لإنشاء جيش حديث وأقامة قاعدة اقتصادية فيه وضعته فى مصاف المستنيرين المتقدمين ولقد نُعِتَ بأنه "مؤسس مصر