يخلفه) إلى فترة من الفوضى التى انتشرف فى دولة السلاجقة الكبرى, وتمثل ذلك مع العديد من الأمراء السلاجقة حيث طالب كل منهم بالعرش نفسه، وكان من بين هؤلاء الأمراء سليمان شاه أخو مسعود وأخوه محمود وطغرل بك ولكنهم كانوا جميعًا -باستثناء محمد- ضعافًا، يعتمد كل منهم على الأتابكة الأتراك وغيرهم من الأمراء الذين احتفظ بعضهم بالأمراء السلاجقة وعاشوا فى بلاطهم يتخذون ذريعة لتحقيق أطماعهم الشخصية، ولم يتبين عماد الدين على أحد منهم إلّا على محمد فعدّه أعظم السلاجقة وأعلمهم.
وقد ولد محمد فى ربيع الثانى سنة ٥٢٢ هـ (= ١١٢٨ م) وتربى مع أخو ملك شاه وتعهده أتابك فارس ليكون منافسًا قويا لمسعود عم محمد، ثم تبناه مسعود وكان يفكر فى أن يجعله خليفته من بعده، وبعد أن أظهر ملك شاه عدم كفاءته بعثوا فى استدعاء محمد من خوزستان سنة ٥٤٨ هـ وسلطنة الأمير خاص بك، ومع ذلك فسرعان ما قضى على قوة خاص بك فقبله، لكنه ما لبث أن وجد نفسه فى صراع مع عمه سليمان باشا من أجل العرش، وكان عمه هذا قد نجح فى الفرار من أسرة زمن مسعود، ولكنه لم يستطع الصمود أمام عسكر محمد، غفر إلى بغداد سنة ٥٥٠ هـ (= ١١٥٥ م) ولجأ إلى الخليفة المقفى فبسط عليه حماه وأدخله فى كنفه، وكان المقتفى مدفوعا فى ذلك بأن يتخذه سلاحا يشهره فى وجه محمد شاه.
كانت هذه الفترة هى الفترة التى اعتبرت فترة بعث للقوة العباسية فى العراق، وقد ساعد على ذلك مهارة عون الدين يحيى بن هُبَيْرة وزير المقتفى، ذلك أنه بعد موت مسعود سنة ٥٤٧ هـ أخرج شحنة بغداد السلجوقى من المدينة التى لم يعد ثم من أثر بها للنفوذ السلجوقى. كما أن مخاطرات سلمان شاه لم تثمر قط عن أى جدوى بل انتهت بهزيمته [وكان الخليفة المقتفى حين علم بوفاة مسعود طرد شحنة السلجوقية وأخذ داره ودور أصحاب السلطات ببغداد، واستولى على كل ما كان لهم فيها وجمع الرجال العساكر، واستولى جنوده على سائر