السلمية وبعوثه ورسائله. كما لم يكن اهتمامه بالأحداث التى حدثت فى زمان الخلفاء الأربعة الراشدين أقل من اهتمامه بتاريخ بنى أمية والعباسيين ومغازى وزواج الأشراف، وقد كتب عن أخبار الشعراء والمغنين، وتناول موضوعات جغرافية مثل المدينة وما حولها من جبال ووديان كما تحدث عن مشاهير الحمقى والخونة وعن سك العملة واستبدال المال، وعن البخل وعن المغيرة، وعن الحيوانات عمومًا والخيل بصفة خاصة. ولم يصلنا من أعماله إلا مخطوطتا كتاب المردفات من قريش وكتاب التعازى (فى جزأين).
يعتبر المدائنى، فى نظر العلماء المسلمين، متخصصا عظيما فى الأخبار يعتمد عليه إلى أقصى درجة، فيقول عنه أحمد بن الحارث الخراز إن العلماء يعتبرون المدائنى خبيرًا فى أخبار خراسان والهند وفارس، كما يقول عنه المرزبانى:"من ابتغى أخبار الإسلام فعليه بأعمال المدائنى". ويعتبره أبو زكريا الأزدى حجة فى السيرة النبوية وأخبار العرب، ويضيف الخطيب البغداى:"وأيضًا فى أنساب العرب والفتوح والمغازى ونقل الشعر". ويمكننا أن نشعر بالقيمة الكبيرة لأعمال المدائنى من استشهاد العديد من علماء المسلمين به فى أعمالهم. وغالبا ما كان يذكر فى الفترة الأولى من حياته ضمن إسناد، سواء بكنيته أو نسب أو اسمه أو بابن أبى سيف، ولكنه كان يذكر بعد ذلك مع اسم الكتاب. وكان عبد القادر البغدادى من أواخر من استشهد به فى كتابه خزانة الأدب. ولم يكن اهتمام العلماء والمسلمين قاصرا على أعمال المدائنى التاريخية فحسب بل أيضا بكتبه فى الأدب والجغرافيا وعلم الحيوان والشعر.
وإذا كان اهتمام المدائنى الأساسى بالتاريح يضعه فى مصاف المؤرخين، إلا أن طريقته فى العمل كانت طريقة المحدثين، فهو ينتقى من أعمال الآخرين ما يناسبه ثم يؤلف كتابه من هذه اللبنات مختلفة الأحجام، وكان فى بعض الأحيان يذكر إسناد هذه المعلومات إلى أن يصل إلى من شاهد الحدث أو عاصره، وفى أحيان أخرى