وبذل الفقهاء والقضاة فى عواصم هذه الممالك جهدا كبيرا فى هذا السبيل مؤملين من وراء ذلك إحياء الإسلام والفضائل الأخلاقية وتخفيف الضرائب. وقد أخذ تاريخ مرابطى الأندلس منذ ذلك الحين يمر بأدوار ثلاثة هى الأزمة الأندلسية ودور الإصلاح ثم الانهيار.
أما عن الموضوع الأول وهو يتعلق بظروف استدعاء الموحدين فيتلخص فى أن اختفاء العامريين من على مسرح الأحداث سنة ٣٩٩ هـ (= ١٠٠٩ م) أتاح الفرصة للممالك النصرانية الأسبانية للظهور بصورة المساعد الذى لم يكن سوى احتلال وتمثل هذا فى الحملات القشتالية وضياع طليطلة وفتوح "السيد Cid"، وسقوط وشقة Huesca، وسرقسطة، ولاردة وطرطوشة. هذا إلى جانب محاولات تنصير المسلمين التى قام بها من يعرف فى تاريخ هذه الفترة براهب فرنسا، وكذلك كانت هناك دوافع اقتصادية كنفقة المرتزقة وسياسية كإيجاد مناطق نفوذ للنصارى.
ولقد أدت هذه العوامل المختلفة لإيجاد موقف أندلسى يطالب بسرعة العمل على وقف المتقدم النصرانى وراء حدود البلاد وإعادة النظام الإسلامى فى الداخل وتخفيض الضرائب والجباية والعودة إلى نظام الخلافة ولكن بصورة محدودة، وكان معنى هذا كله أن هناك أزمة عسكرية وأنه لا يمكن حلها إلّا فى ظل حلّ سياسى اجتماعى اقتصادى، وأدرك الجميع أن هذا الحل يتمثل فى استدعاء المرابطين ليتدبروا الأمر.
أما عن الإصلاح فقد رأى الأندلسيون أنه لا يتحقق إلّا على يد المرابطين، ولذلك ما كاد خبر عبور يوسف المضيق يعم حتى بادر الفونسو السادس فرفع الحصار عن سرقسطة. كما أن انتصار "الزلاقة" كان صدمة قوية للتدخلات القشتالية الكبيرة ولقد كان مفهوم الإسلام ممثلا فيما اتبعه هو نفسه ألا وهو "تحريم الخمر، ومنع الاستماع إلى القيان، وعدم التمتع باللهو بالصيد وغير ذلك من ضروب التسلية" وأصبح كل من يوسف بن