وتصوفه، غير ناظر أبدًا لشئون رعيته". كذلك عانت الحركة الفكرية اضطهادا ولم يعد أمير المسلمين يكترث لأساتذة علم الكلام وأصبح المتكلم فى هذا العلم مرميًا بالكفر.
ثم كانت هناك حقائق ثابتة، ذلك أنه حوالى سنة ٥٣٤ هـ (= ١١٤٠ م) عمت روح من التصوف والزهد فى كل من المرية (على يد ابن العريف) وغرناطة (على يد أبى بكر محمد الميورقى) وفى اشبيليه (على يد ابن بَرَّ جان)، كما قام أبو القاسم أحمد بن قَسى بتكوين جماعة عرفت بالمريدين فى شلب، وعمّت الثورات كثيرا من النواحى فثار القاضى ابن حمدين فى قرطبة وسيف الدولة بن هود فى حبان وغرناطة، وابن وزير فى ايفورا Evora وباجة Bega بطليدس، وابن أبى جعفر فى مرسية وابن عبد العزيز فى بلنسية، وحينذاك حاول كل واحد من ملوك الطوائف أن يستقل بإمارة لا يشاركه فيها أحد، فقام ابن حمدين بالتماس العون من الفونسو السابع، والتمسها على بن ميمون فى قادش من الموحدين، وقام الفونسو السابع صاحب قشتاله باحتلال المرية وإن لم يدم احتلاله إياها سوى أشهر قلائل.
كما أن ابن قَسِىّ عبر البحر إلى المغرب يلتمس المعونة من عبد المؤمن ويسأله غزو الأندلس، على أن الواقع يبين أن الموحدين قصروا نشاطهم فى سنة ٥٤٠ - ٥٤١ هـ (= ١١٤٦ - ١١٤٧ م) على احتلال النواحى التى أمكنهم فيها الاعتماد على من بها وزوّدوها بالجند يحميها، أما ميمون بن جدَّار فكان الوحيد الذى أقام فى غرناطة حتى سنة ٥٤٩ هـ (= ١١٥٥ م) على حين أن بنى غانية أقاموا دولة تميل إلى المرابطين وهى الدولة التى نقلت الصراع ضد الموحدّين إلى بلاد "جريد" فى تونس وذلك سنة ٥٨٠ هـ.
هذا موجز لدولة المرابطين فى الشمال الإفريقى وفى الأندلس ونسوق جدولًا بحكامهم: