أَهْوَاءَهُمْ وَقُلْ آمَنْتُ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنْ كِتَابٍ (تحقيقًا لوحدة الأديان)، وَأُمِرْتُ لِأَعْدِلَ بَيْنَكُمُ اللَّهُ رَبُّنَا وَرَبُّكُمْ لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ لَا حُجَّةَ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ (أى لا محاجة ولا خصومة)، اللَّهُ يَجْمَعُ بَيْنَنَا (على هذا الأصل الحق رفعا للخلاف من بين البشر) وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ. وهذه الآيات فى سورة الشورى المكية.
فالقرآن كما ترى يرتفع بالدين إلى أصله الأول على عهد نوح لا إبراهيم، ويصرح بأن إبراهيم تلا نوحًا فى القيام على هذا الأصل فهو تابع لا متبوع.
فإذا كان القرآن يصرح باتباع ملة إبراهيم فليس ذلك باعتبار أنه أول من أرسل بالإسلام، ولكن باعتبار أنه أبو فريق كبير من العرب تشويقًا لهم إلى اتباعه.
أما الكعبة فلم تكن هيكلا عجيب الصنع كالكرنك أو أنس الوجود، بعيدة الغور فى الفن والزخرف حتى تتنازعها الأمم، ولكنها كانت بناء ساذجًا مربعًا، والعرب تسمى كل بناء مربع بالكعبة، من الطراز الذى يبنيه الناس بأنفسهم وإن لم يكونوا بنائين ليجعلوه مصلى فهل يستبعد على إبراهيم، وكان نبيًا بإجماع الأمم، أن يبتنى له ولابنه بناءً من هذا الطراز يصليان فيه؟
وإذا ثبت أن إبراهيم أوصل ابنه إلى تلك البقعة من بلاد العرب، وقد ثبت بنص التوراة ذلك، فيكون من المتعين أن يتخذ له فيه بنية ساذجة يجعلها متعبدًا له على مثال الصوامع. ولم يتازع أحد إلى اليوم إبراهيم فى أنه بانى ذلك المصلى حتى يصح أن يقال إن محمدًا نسبه إليه تعظيمًا لشأنه. ولم تختص الكعبة وحدها بأنها بيت الله فكل المساجد بيوت لله عند المسلمين، وإنما عظمت الكعبة لأنها أول بيت لله وضع للناس ببكة.
ومما يدل على أن النبى صلى الله عليه وسلم لم يتخذ بناء الكعبة أساسيًا من أسس دعوته أنه أمر أصحابه أن يولوا وجوههم فى صلاتهم بيت المقدس طوال مقامه بمكة.
ومما يثبت أن النبى لم يجعل معتمده فى الدعوة إلى الإسلام أنه دين إيراهيم ما يقوله شيرنكر وشنوك هرجرونى