أربعين من أتباعه من البصرة وذهبوا إلى الأهواز الواقعة على التخوم الفارسية وأقاموا هناك فترة غير قصيرة من الوقت لم يقوموا خلالها بشئ من أحداث التعصب المألوفة بين الخوارج، وإنما اكتفى بفرض ضريبة باهظة توازى قدر العطاء الذى كان يستحقه هو ورفاقه شرعًا، فأرسل عُبيد اللَّه بن زياد لمحاربة مرداس بن أدية الزعيم الكلابى أسلم بن زرعة على رأس ألفين من رجاله، والتقى الفريقان عند قرية صغيرة تعرف "بآسك" وإن كانت مذكورة باسم "ميجاس" فى بيت شعر اقتبسه ياقوت فى معجمه ٤/ ٧١٢ - ٧١٣, إلا أن الخوارج استطاعوا -رغم قلة عددهم أن يهزموا عدوهم، فلما كانت السنة التالية بعث إليهم حملة ثانية قوامها أربعة آلاف محارب بقيادة عباد بن أخداد التميمى فوجدت الخوارج قد عسكروا أمام "درابْجِرد" فاتفق الجانبان على أن يفرغا من صلاة الجمعة قبل القتال، إلا أن قوات الحكومة نكثت بعهدها وهاجموا الخوارج وهم فى صلاتهم، وقطعت رأس مرداس وأرسلته إلى ابن زياد.
وقد أثارت هذه الواقعة ردّ فعل قوى فى كافة أرجاء العراق، وثار عُبيدة بن هلال لمصرع مرداس، وقد صار عبيدة هذا فيما بعد رأس الثوار الأزارقة، وتغنى الشعراء بشعر نظموه فى رثاء مرداس، وكان من أشهر هؤلاء الشعراء عمران ابن حطان، كما ظلت ذكراه حية مدى طويل بين الخواج لا سيما فى "عمان" مركز الصُّفْريَّة، ويقول المعتزلة إن مرداس بن أدية إنما ثار لدفع المنكر، على حين ينكر الشيعة عليه أن يكون خارجيا حقيقيا.
ويبدو أن أخاه عروة بن أدية لم يشارك فى الفتنة إلّا أن ذلك لم ينقذه من انتقام ابن زياد الذى أمر بالقبض عليه ثم قتله بعد قليل من موت أخيه مرداس.
ولعل أكثر المراجع تفسيرا لثورة مرداس هو الكامل للمبرد ثم يليه البلاذرى.