ولقد تعاون الأرمن مع المسلمين فى مواجهة ما يلقاه الأخرون من الخرز فى الشمال، حين ساهم الأرمن مع عسكر مروان فى هجومهم على القوقاز وكان لهم دور بارز فى تلك الحملة: سنة ١١٩ هـ (٧٣٧ م) وكما هو جدير بالملاحظة فى سنة ١١٩ هـ/ ٧٣٧ م. أن القوات الأرمينية ساهمت فيما بعد فى مساعدة مروان من أجل فرض سلطته فى بلاد الشام فى أعقاب موت "يزيد بن الوليد".
وهناك فقرتان أوردهما الطبرى فى تاريخه (جـ ٢/ ١٩٤١، ١٩٤٤) تشير أن إلى تبنى مروان للتشكيل العسكرى المعروف "بالكردوس" وتخليه عما هو مصطلح عليه باسم "الصف" والكردوس هى مفرزة محكمة من الجنود صغيرة العدد نسبيا وتكون عادة من الفرسان بينما الصفوف هى الخطوط الطويلة التقليدية التى كان العرب ينظمون بها أنفسهم فى المعركة. وهناك من يرى أن مروان هو أول من أدخل تشكيل الكراديس فى جيوش المسلمين، وأن خبرته القتالية على الحدود الشمالية -حيث كان النفوذ البيزنطى قويًا- هى التى دعته إلى انتهاج هذا الاسلوب. وعموما فهذه القضية موضع خلاف، ذلك أن تقارير "الطبرى" لا ترجع إلى الفترة التى كان مروان يحارب فيها على الحدود الشمالية، بل تعود إلى القتال الأخير ضد "الخوارج" فى أرض الحرب بين النهرين بعد أن تولى الخلافة.
ويبدو أن مروان كان قد عقد النية على التوجه جنوبا إلى الشام، والتدخل فى الأحداث الجارية هناك، حينما قتل الوليد الثانى إثر الانقلاب الذى أطاح به، وتولى يزيد الثالث الخلافة فى جمادى الآخرة سنة ١٢٦ هـ/ ٧٤٤ م، إلا أن انسحاب الكلبيين من جيشه بقيادة ثابت بن نعيم ثبط من عزمه، ولقد اعتبر مروان بن محمد نفسه الحاكم المطلق فى أرض الجزيرة بالعراق إبان خلافة يزيد الثالث القصيرة واتخذ مقره فى حران، فلما مات يزيد الثالث (فى ذى الحجة ١٢٦ هـ = سبتمبر ٧٤٤ م) رفض التسليم بسلطة خلفه المعين إبراهيم شقيق يزيد