للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكانت فترة حكم أحمد بن طولون (٢٥٤ - ٢٧٠ هـ/ ٨٦٨ - ٨٨٤ م)، فى عمومها فترة أمان ورخاء لمصر، ويكفى سببًا لذلك أن الأموال التى كانت تحمل للخليفة بقيت لها.

وجنَّد ابن طولون جيشًا جديدًا، غالبيته من اليونانيين والزنوج استطاع به أن يوطد قوته. وحتى يتمكن من إسكانهم ابتنى لهم ضاحية إلى الشمال من الفسطاط، سماها "القطائع" وابتنى بها جامعًا خاصًا، عُرف حتى اليوم بجامع ابن طولون، كذلك ابتنى قصرًا له للحكم.

وكان حكم ابن طولون بداية تغلغل النفوذ المصرى فى الشئون السورية. وكانت هنالك أسباب عدة وراء استمرار هذا التدخل، من بينها الحاجة لتوفير مختلف الإمدادات الغذائية لمصر فى حالة قصور النيل، وكذلك مسألة الأمن، حيث إن مصر من الممكن أن تُغزى من فلسطين إذا ما وقعت فى أيدى الأعداء. كذلك هناك جاذبية الحدود البيزنطية، خصوصا "لابن طولون" الذى تحمل مسئولية الدفاع عن الخلفاء الضعاف، مما يعطى حكمه مكانة وشرعية.

ولم يقم ابن طولون أو خليفته خمارويه أو الاخشيديون بكسر الولاء للخلافة العباسية. فلقد احرزوا استقلالًا إداريًا وماليا فى مصر، ولكنهم ظلوا تابعين لدولة الخلافة ولمذهبها السنّى. وحاول كل من ابن طولون ومحمد طغج الإخشيد أن يطلب من الخليفة القدوم إلى الفسطاط والإقامة بها.

وانتهت دولة الطولونيين باحتلال الجيش العباسى للبلاد سنة ٢٩٢ هـ/ ٩٠٥ م، وأن تظل البلاد ولاية من ولايات الخلافة حتى سنة ٣٢٣ هـ/ ٩٣٥ م وشهدت هذه الفترة بداية تطورين جديدين. الأول هو ازدياد قوة الفاطميين سنة ٢٩٧ هـ/ ٩٠٩ م وإحرازهم السلطة فى المغرب، وهذا يعنى أن مصر صارت دولة حدودية لهم. كذلك قيام حكم الأغالبة فى إفريقية كحكام مستقلين، دون أن تكون لديهم نوايا للتوسع ناحية الشرق. وادعى الفاطميون بأنهم الحكام الشرعيون لكل مسلمى العالم ولم يخفوا تصميمهم على أخذ مصر