وهو من ذرية الصحابى الزبير بن العوام، وقد تعلم على أيدى كثير من الأساتذة العلماء منهم مالك بن أنس قبل استقراره ببغداد حيث مات بها وهو فى الثمانين من عمره فى اليوم الثانى من شوال سنة ٢٣٦ هـ (= ٨ أبريل ٨٥١ م)، ويذهب ابن النديم فى كتابه الفهرست إلى أنه مات سنة ٢٣٣ هـ، وكان قد بلغ الثالثة والتسعين من العمر، ولم يقتصر فى أثناء وجود بالعاصمة عن الأمور المتعلقة بالأنساب فقط، بل اهتم إلى جانب ذلك أيضًا بالأخبار والأحاديث ذات الطابع التاريخى، لاسيما ما كان منها عن "أيام العرب" والحديث الشريف الذى كان قد سمعه من مالك وغيره من المحدّثين الذين هم دون مالك شهرة وذيوع صيت، ومن أشهر من ذاع اسمه من تلاميذه أبو خَيْثَمة وولده، هذا إلى جانب أنه كان يقرض الشعر ولقد حفظ لنا صاحب الأغانى (جـ ٥/ ١٣٠ - ١٣١) المرثية الجنائزية التى رثى بها اسحاق الموصلى، كما حفظ بعض أبيات له فى مدح بعض الشخصيات الأخرى.
وفى الوقت الذى نجد فيه ابن النديم يتهم عبد اللَّه أبا مصعب بأنه كان من أسوأ الناس سيرة ويؤنبه أشد اللوم لعدائه للعلويين، نجد أبا الفرج الأصفهانى لا يوافقه على رأيه هذا إذ يقول فى كتابه "مقاتل الطالبيين" إنه ساهم بنصيب فى ثورة محمد بن عبد اللَّه بن الحسن المثنّى، ويورد بعض أبيات شعرية له يبكى فيها المصير الذى قدّره المنصور للحسن بن معاوية بن جعفر بن أبى طالب الذى تابع هو الآخر الثائر، ويقص كذلك تورّطه مع يحيى ابن عبد اللَّه بن الحسن دون أن يصرّح بالعداء المكشوف. وانظر فى هذا الموضوع ذاته ما كتبه الطبرى فى تاريخه (جـ ٣ ص ٦٢٠ - ٦٢٤) وقد يميل المرء لأن ينسب إلى عبد اللَّه بن مصعب ما يحوط عمل ابنه من الغموض، على الرغم من أن البلاذرى والطبرى وغيرهما من المؤرخين لاسيما مؤرخو الأندلس قد استفادوا منه، وإن كان يبدو أن شهرة مصعب قد زحزحها من البؤرة ابن أخيه الزبير بن بكار المتوفى سنة ٢٥٦ هـ (= ٨٧٠ م) الذى