بالخلافة ولقب بالمعتضد، [وإن كان الوارد فى بعض المصادر العربية أنه بويع يوم وفاة أبيه المعتمد على اللَّه لإحدى عشرة ليلة بقيت من رجب سنة ٢٧٩ هـ (= ١٥ أكتوبر ٨٩٢ م) ونص خليفة حتى وفاته سنة ٢٨٩ هـ] وقد أيّده فى تولى الخلافة [بعد خلع أخيه المفوّض بن المعتمد] أكبر أنصار والده لاسيما الوزير عُبيد اللَّه بن سليمان بن وهب [الذى ظل وزير، له حتى وفاته سنة ٢٨٨ هـ] كما أيده قائد جيشه بدر المعتضدى، ولما كان المحرم من عام ٢٧٩ هـ (= أبريل ٨٩٢ م) ثم خلع المفوّض خلعًا مستهجنًا من ولاية العهد التى نقلوها إلى المعتضد، الذى صار بعد ستة أشهر (رجب ٢٧٩ هـ) الخليفة ولم يجد أى معارضة.
لقد كان قوة المعتضد الكبرى تتمثل فى العلاقات الوثيقة مع الجيش تلك العلاقات التى ورثها عن أبيه، هذا إلى جانب الروابط القوية المتناغمة بين كبار رجال الدولة المدنيين والقادة العسكريين وراى المعتضد باللَّه أن يستغلّ مصادر القوة هذه لإعادة تأكيد قوة أسرة بنى العباس، وكان يقود جيوشه بنفسه ومضى معظم أيام خلافته فى الحروب، وإن وجد نفسه مضطر، للاعتراف بضياع خراسان والشام ومصر من أيدى العباسيين أو على الأقل فى وقته إذ ذاك، ولقد بذل وجاهد فى محاولة منه لإعادة بسط السيطرة العباسية على الإقاليم المركزية كالعراق والجزيرة التى كانت هامة جدًا باعتبارها مصدر الحبوب لبغداد وغربى فارس.
أما فى الجزيرة فقد اصطدم بوالى "آمد" واسمه أحمد بن عيسى بن شيخ الشيبانى [وتقول المصادر العربية أنه فى أول خلافته سار إلى بنى شيبان بالموضع الذى يجتمعون فيه من أرض الجزيرة، ولما كانت سنة ٢٨٠ هـ (= ٨٩٣ م) أخرج أحمد من الموصل واستولى هو على البلد، كما انتزع مدينة "آمد" فى سنة ٢٨٦ من ولد أحمد بن عيسى وخليفته واسمه محمد، ووقف إلى جانبه فى هذه اللحظة الشيخ حمدان بن حمدون التغلبى، مما أدى عن غير قصد إلى بداية قيام الأسرة الحمدانية.