٦ - رسالة "الصاهل والشاحج" أى رسالة حصان وبغل والتى من بين أعمال أخرى ضاعت الآن، قد وجهت إلى أبى شجاع فاتك عزيز الدولة حاكم حلب من قبل الأئمة الفاطميين -وهذه الرسالة التى قيل إنها ضاعت، قد اكتشفت أخيرًا فى المغرب، حققتها مع دراسة نقدية ومقدمة، عائشة عبد الرحمن -بنت الشاطئ- (القاهرة ١٩٧٥ م) وقد أتم أبو العلاء هذه الرسالة الضخمة فى عام ٤٠٨ هـ/ ١٠١٧ - ١٠١٨ م تقريبًا وهو العام الذى اختفى فيه الحاكم، عندما تولى العرش فى مصر الإمام الظاهر الذى يتبعه المؤلف بأمير المؤمنين -وهناك حدث مهم آخر ذكرته الرسالة وقع عام ٤٠٨ هـ/ ١٠١٧ - ١٠١٨ م، عندما كتب عزيز الدولة إلى صالح بن مرداس، وهو زعيم بدوى، أسس بعد ذلك أسرة المرداسيين، يأمره بإحضار أمه (أم صالح) إلى داخل أسوار حلب -وكانت هذه الخطوة من عزيز الدولة تعنى طمانة سكان حلب، فى مواجهة الشائعات حول تهديد بيزنطة بالهجوم على بلدهم وهذا التوتر الذى سرى بين السكان فى شمال سوريا أحد موضوعات الرسالة، الذى حشد فيه أبو العلاء -تدريجيًا- عددًا من الحيوانات التى -مع تمتعها بموهبة الكلام -تقول من بين أشياء أخرى- رأيها فى الوضع السياسى فى بلاد الشام فى عهد عزيز الدولة -ولكن السبب المباشر لتأليف الرسالة كان مشكلة الضرائب -فقد كانت قطعة أرض يملكها أفراد من عائلة أبى العلاء، وكان لابد -لاستغلالها- أن يدفعوا لبيت المال فى حلب قدرا معينًا من المال كضرائب -فطلبوا من أبى العلاء أن يبعث بكتاب إلى ابن مرداس فاستجاب لهم وكتب هذه الرسالة يسأله فيها إلغاء هذه الضريبة المفروضة لأن هذه الأرض لا ماء فيها ولا تغل إلا القليل -وبعد ذلك يعرض لشاحج (أى بغل) يقوم وهو معصوب العينين- بسحب الماء لكى يملأ الصهريج، دون أن يفيد من ذلك الجهد حتى لنقع غلته وإرواء ظمئه -ويتذمر البغل فى أول الأمر ثم يبدأ يتكلم يلاحظ أن أبا العلاء وهو يقوم أول حيواناته التى تتكلم مع إيراد مقتبسات من القرآن الكريم كما جاء فى سورة النمل/ ١٨، ٢٣ من حديث نملة