وبالإضافه إلى ذلك فإن ابن الطامع يفصح عن كبر علمه وتسامحه بذكر عدد من الشعراء والأدباء يتهمهم بالزندقة ويرد عليه أبو العلاء فى سخرية فيفترضه وقد تقدمت به السن فمات هذا المراسل العجوز لتوه ثم يتخيله قد حوسب حسابًا عسيرًا يوم البعث ثم يدخل إلى جنات النعيم التى يصف ابن القارح عددًا كثيرًا من الشعراء الأدباء قد غفرت خطاياهم السابقة على غير ما كان متوقعًا (راجع معنى عنوان الرسالة) وبينما يتجول ابن القارح فى الدار الآخرة، يتمكن من زيارة الجحيم، حيث يجرى مناقشات مع إبليس والشيطان، والشاعر بشار بن برد الذى يعتبر هرطقيًا وهناك جوانب عامة فى رسالة الغفران نذكرها هنا، أولا أن متع الفردوس ونعيمه تقوم على التفسير الواقعى والحرفى لما قرره القرآن والسنة.
وثمة جانب آخر ملحوظ فى رسالة الغفران وهو التعويض عن أى ضرر عانى منه الإنسان والحيوان فى حياته الدنيوية ومن الحيوان خبر حمار وحشى اصطاده صياد وسلخه ثم استفاد من جلده، ثم جاء الأتقياء فأخذوه بدورهم واستفادوا منه فى الطهارة، وهكذا يبدو أنه يوجد فى الجنة شيئان مختلفان تمامًا الأول مادة الفردوس وتمثلها الأبكار اللائى ورد ذكرهن فى القرآن والثانى الحيوانات يهدف الصيد وكلاهما لزيادة متع المنعمين -ثم هناك فى المقام الثانى بنو البشر والحيوانات الذين قدر لهم أن يسعدوا بالأبدية بناء على معاناتهم فى الحياة الدنيا. . أما بالنسبة لابن القارح فإن رؤية أبى العلاء الساخرة له واضحة جدًا، حيث يصف المشهد الرسمى لتوبة ابن القارح والشهود الرسميين الذين صدقوا عليها فى أحد مساجد حلب ثم ما أعقب ذلك من ابتهاج وفرحة فى السماء.
(تجدر الإشارة هنا إلى كتاب عائشة عبد الرحمن "الغفران" القاهرة ١٩٥٤ م، والذى يناقش الفرق بين رسالة الغفران ورسالات التوابع والزوابع لابن شُهَيْد وهى ذات أهمية عامة كدراسة رائعة لرسالة الغفران)
٨ - رسالات الملائكة تتعلق بمسائل خاصة بأصل بعض الكلمات العربية