ذاته مات مخنوقَا فى تلك السنة مع ولده منصور، أما أصغر أولاده وهو حسين معن زاده فقد عاش بعده ليصير حاجب السلطان والسفير العثمانى له بالهند، وحسين هذا هو المصدر الذى أمد المؤرخ العثمانى "ناعيما" بما أودعه فى تاريخه، كما أنه ألف كتابا فى الأدب سماه "كتاب التمييز".
أما فى الداخل فقد خلف فخر الدين أحد أبناء أخوته واسمه مُلحم الذى كانت مطالبه السياسية فى الشوف (أراضى صيدا الزراعية) وغيرها من أقاليم الدروز (الغرب وجُدْد ومتن فى ريف بيروت) قد وجدت منافسًا فى آل علم الدين الذين يرجح أنهم كانوا من ذرية علم الدين سليمان بن معن، وكثيرا ما استولى ملحم هذا على سنجق صفد أو سنجق البطرون الذى كان فى "ايالة" طرابلس، فلما مات سنة ١٠٦٨ هـ (= ١٦٥٨ م) خلفه ولد له اسمه "أحمد" الذى نجح فى إخراج آل علم الدين من مناطق الدوز وكسروان سنة ١٠٧٨ هـ (= ١٦٦٧ م) وأقام نفسه مكانهم باعتباره ملتزم الناحية بالإضافة إلى بيلر بيه صيداء (التى صارت أياله منذ سنة ١٠٧٠ هـ (= ١٦٦٠ م)، وظل فى هذه الوظيفة ثلاثين عامًا مستمرة من ١٠٧٨ هـ حتى ١١٠٨ هـ = (١٦٦٧ - ١٦٩٧ م) وأصبح لأحمد معن فى الواقع الفضل فيما صارت الناحية به من الاستقلال الذاتى الذى استمر حتى القرن التاسع عشر ولقد انقطع بموت أحمد معن نسله من المذكور وانتقل الالتزام إلى ابن أخته بشير شهاب (١١٠٩ - ١١١٨ هـ = ١٦٩٧ - ١٧٠٦ م) ثم إلى حفيده الكبير (ابن اخته) حيدر شهاب، وهم من زعماء المسلمين السنة من وادى التيم فيما وراء لبنان، على أن آل علم الدين رفضوا تولى شهاب هذا واستعملوا فى ذلك التآمر تارة والهجوم العسكرى تارة أخرى حتى دارت عليهم الدائرة فى ميدان الحرب وقتلوا عن آخرهم سنة ١١٢٣ هـ (= ١٧١١ م).