التى قامت بغزو أسبانيا. لا أن البربر لم يكونوا -فى بعض الأحيان- على وفاق مع العرب. فلقد ثاروا على هذا الحكم بسبب غمطهم حقهم فى الأراضى المنتزعة من أيدى المسيحيين فى شبه الجزيرة الأيبيرية، كذلك بسبب سخطهم على الولاة العرب، فشاركوا فى حركة ميسرة ١٢٢ هـ/ ٧٤٠ م. ولقد كانت هذه الثورة ذات طابع سياسى وطابع دينى فقد ادعى الخلافة. وبنفس الاستعداد الذى تقبل البربر به الإسلام تقبلوا أيضًا دعوى الخوارج التى جاءتهم من الشرق، وتعاليمهم التى نادت بحقهم فى تولى الخلافة كالعرب تمامًا. ولقد هُزم الجيش الذى أُرسل من سوريا لقمع هذه الثورة على ضفاف السب فى موقعة بقدورة سنة ١٢٤ هـ/ ٧٤٢ م وفقد المغرب الأقصى بضربة واحدة تبعية للخلافة وانتشر فيه فكر الخوارج. ولقد انتظمت الإمارات البربرية فى إقليم الريف؛ ولكن لم تكن لواحدة من هذه الإمارات القوة التى تمكنها من فرض سيطرتها على باقى الإمارات أو جعل كل القبائل البربرية تخضع لحكمها.
ولقد بدأ لبعض الوقت كما لو كانت دولة الأدارسة التى قامت فى المغرب على وشك أن تلعب هذا الدور. فلقد فرض إدريس الأول ومن بعده إدريس الثانى خليفة، حقيقة سيطرتها على الجانب الأكبر من قبائل المغرب الأقصى الشمالية وقد مدت حملاتهم الناجحة نفوذهم ومملكتهم من شواطئ البحر المتوسط إلى أطلس العليا ومن الأطلنطى إلى ما بعد تلمسان. وكأبطال غيورين على الإسلام، استطاع الأدارسة نشر الإسلام بين القبائل التى لم تكن قد اعتنقته. ولقد كان شغلهم الرئيسى هو تحويل المغرب الأقصى جميعه إلى الإسلام وقد كانوا فى ذلك أشد عزمًا من العرب الفاتحيين. ومدافعين عن السنة، رغم أصلهم العلوى، فقد قاموا بمحاربة الخوارج بنفس القوة ولكنهم لم ينجحوا تمامًا فى إستئصال أفكارهم. بسبب ذلك حولت الملاحم الشعبية هؤلاء المقاتلين الأشداء إلى أولياء، فأصبح أدريس الأول هو الولى