وقسطنطينية وتونس، لكن قبضته على هذه المدن كانت غير مأمونة. وبعد عام واحد تقريبًا من ذلك، هزم العرب أبا الحسن، ووجد نفسه مضطرًا لترك أفريقية، وعاد الحفصيون إلى تونس وبنو عبد الواد إلى تلمسان، بينما ثار ابن السلطان "أبو عنان" ضد أبيه (أبو الحسن) فى المغرب، وبعد أن أحرز السلطة، حاول أبو عنان أن يستعيد مجهودات أبيه. فعاود احتلال تلمسان وتونس، ولكنه لم يستطع الاحتفاظ بهما. فلقد إستعاد الحفصيون وبنو عبد الواد مملكتيهما بعد فترة يسيرة.
وكان المرنيون أول حكام مغاربة حقيقيين. وبسبب افتقادهم للمكانة الدينية التى كان عليها سابقوهم، فقد بذلوا جهدهم فى إرساء السلطة الأخلاقية باعتبار أنفسهم دعاة الإسلام فى المغرب. ولقد شكلت طريقة مولاى ادريس فى القرن الثامن وبخاصة القرن التاسع الهجرى/ الخامس عشر الميلادى أهمية دينية كبيرة استمرت حتى اليوم. وليس هنالك ما يميز حكم هذه الدولة أكثر من تطور الحياة الثقافية والفنية فى المغرب. ولم تجد الحضارة الأسبانية - المغربية إزدهارًا لها فى المغرب فى فترة أكثر من فترة حكم بنى مرين، فلقت إجتذاب الحكام إلى بلاطهم الشعراء، ورجال الأدب والقانون من شبه الجزيرة الأيبيرية والمغرب، ولقد إجتذبت جامعة القيروان بفاس الدارسين من كل بلاد المغرب الإسلامى، ولقد اختار المرينيون فاس، كعاصمة لهم، وبنوا فيها قصورًا ومساجد ومدارس، ولقد كانت فى نفس الوقت مدينة تجارية حيث يلتقى فيها التجار الأفريقيون مع التجار الأندلسيين بالتجار المسيحيين.
على أن النصر الخارجى كان خداعًا، فبنى مرين المغاربة لم يكونوا قادرين أبدًا على تنظيم دولتهم على أساس قوى، ولقد كانت سطلتهم المركزية ضعيفة للغاية ولم تنجح فى فرض سيطرتها فى أى مكان. ولقد كانت فرصة إختيار أى سلطان مجالًا للثورة، وقد كان الثوار يجدون باستمرار