الأيسر علينا أن نعلل كيف أن قصاصاً أو نساخاً عربياً وضع أسماء وإشارات عربية تتلاءم والأحوال العربية المعاصرة له من أن نتفهم علة ورود الأسماء الفارسية القديمة، اللهم إلا إذا فرضنا أن هذه الأسماء عبارة عن بقايا مرحلة قديمة من مراحل التطور، ولذلك فإن المقاييس الخارجية التى تتصل بالهند وفارس تعتبر أهم نسبياً من غيرها، فقصاص العرب كانوا يعرفون كيف يطبعون القصة الأجنبية بالطابع المحلى، وكيف يوفقون بينها وبين ما يحيط بهم، غير أنه كانت تعوزهم الحاسة القصصية الفنية الواعية التى تمكنهم من أن يصبغوا الشئ الوطنى بالصبغة الأجنبية ويكسبوه جو بلاد غير بلادهم.
وفى القصة الأولى التى يتكون منها هيكل الكتاب نجد كلا من المقياسين اللذين يثبتان وجود الأصل الأجنبى فيه جنباً إلى جنب، فاسما شاه زمان وشهريار وغيرهما أسماء فارسية, كما أن خيانة زوجى الأميرين الأخوين التى انتهت برحلة أحدهما تشبه القصة الهندية "كاتها سارت ساكارا" (انظر British and Foreign Review، جـ ٢١، يولية سنة. ١٨٤٠ م، . ص ٢٦٦) وكذلك القصص الصغيرة الثلاث التى وردت عرضاً فى نواة الكتاب، والتى تتحدث عن التجار الذين يفهمون لغة البهائم والوحوش لها نظائر فى الأدب الهندى. والتشابه الملحوظ بين الطريقة التى تدمج بها بعض القصص فى هيكل ألف ليلة وليلة وبين الطريقة التى تنتهجها الكتب الهندية له أهمية خاصة، فإن إدماج قصة فى قصة من خصائص الأدب الهندى، وهو أمر مشاهد فى "المهابهاراته" والـ "بنجه تنتره" و "ولله ينجه ومساتى" وغيرها، ولا يحفل الهنود بما فى هذه الطريقة من بُعد عن الواقع ومنافاة لطبيعة الأشياء، فإنهم يظهرون من حين إلى حين أشخاصاً يتكلمون أو يستمعون فى حين أن طبيعة موقفهم من القصة تتنافى مع هذا.
والباعث الأول لكتاب ألف ليلة وليلة هو اكتساب الوقت وثنى المتهور عن عزمه. وهذا موجود أيضاً فى قصة