السياق فقرة من قصيدة غنائية لمتمم ابن نويرة (رقم؛ ٩، الأبيات ٣١ - ٣٦) يجب أن توضع فى الاعتبار حيث يتصور هذا الشاعر اقتراب الضب المشؤوم منه، وهو جريح راقد فى ساحة الوغى. وفى جملة هذه الأبيات توضيح لافت للنظر لموقف الشاعر القبلى حيال القضاء والقدر.
وبالإضافة إلى أن المفضليَّات تقدم مادة ثرية لدراسة الأجناس الأدبية العربية القديمة، فإن فى الجزء الأساسى منها أخبار قيمة من وجهة النظر المرتبطة بمرور الزمن. وهى تعكس بالفعل فى قصائد المخضرمين (أرقام؛ ٩، ١٥، ١٧، ٢١ - ٤، ٢٦، ٢٧، ٣٨ - ٤٠، ٤٣، ٦٧، ٦٨، ٨٤، ٨٥، ١٠٢، ١٠٣، ١١٣ - ١٥، ١٢٣، ١٢٦) الأحوال الاجتماعية المتغيرة من آونة لأخرى. ومن ثم، يلمح عبده بن الطبيب إلى الصراع بين الحياة البدوية والحياة المستقرة (رقم؛ ٢٦، البيت ٧)، وأحيانا، يدل تقديم الفكرة التى قد فقدت وظيفتها الأصلية، وعلى سبيل المثال، حين تبدد الحالة المزاجية الانقباضية للشاعر بعد فراقه عن محبوبته باللقاءات المتوقعة فى المستقبل (رقم؛ ١١٤، البيت ٢). وتشتمل النصوص الإسلامية القليلة أرقام؛ ١٤، ١٦، ٢٤، ٣٣، ٣٧، ٦٣، ٦٤، ٩٢) على تنويعات مهمة للنمط التقليدى، فى النسيب بخاصة، ومثال ذلك، الوصف الخاص لضبين مقاتلين فى غبار "موقع مخيم مهجور"(رقم؛ ٦٤، الأبيات ٢ - ٤). وفى النسيب الجاهلى، يعوض خراب المكان بوصف للنباتات الفاخرة، والغزلان التى ترعى العشب بأمان. والشاعر الإسلامى، مع أنه ضليع فى المأثور الشعرى، إلا أنه إما قد فقد معناه المتأصل فيه، وإما قد انحرف عنه.
وعلى الرغم من التنوع العظيم فى المضمون، وفى الآثار العديدة للإنشاء الفردى والأسلوب، إلا أن المجموعة تعطى انطباعا بالتجانس، الناتج من خلفيتها الاجتماعية المشتركة. وسواء كان الشاعر القبلى يحكى تجربته فى الحب والحرب، أو يتأمل فى الشيخوخة