ومما يجدر ذكره أن الجن فى الحكايات الهندية والفارسية القديمة يفعلون ما يفعلون من تلقاء أنفسهم، أما الجن فى القصص المتأخرة فيخضعون دائما لطلسم أو لغيره. وعلى هذا فإن صاحب الطلسم هو الذى يسيطر على مجرى الأمور دون الجن والعفاريت.
اما الحكايات البغدادية فليس للسحر دخل فيها. وقد بين نولدكه أن حكايات الصعاليك فيها عنصر مصرى خالص (Zeitscher. d. Deutsch. Morg.: Noldeke .Gess . جـ ٤٢,ص ٦٨). والمثل القديم على هذا النوع هو القصة المشهورة التى رواها هيرودوتس عن كنز الملك رامبسينيت Rhampsinil فإنا نجد شبهاً طريفاً لجزء من هذه القصة فيما حكاه المقدمون الثمانية للسلطان بيبرس فى كتاب ألف ليلة وليلة (طبعة هابشت وفليشر Habicht & Fleishcer , جـ ١١، ص ٣٧٥). ونحن نرجح ما حاو ل أن يثبته شوفان من أن الجزء الأخير من الطبقة المصرية بما فيه من حكايات مبتذلة عن السحر من وضع يهودى مصرى (La recension Egyptienne des: Chauvin Mille et une nuit، بروكسل ١٨٩٩) وحكايات هذه الطبقة المتأخرة هى أضعف ما فى الكتاب من الوجهة الجمالية.
وفوق هذه الطبقات الأربع التى سبق أن بينا انه لا يمكن تمييز بعضها عن بعض بالدقة، اشتمل كتاب ألف ليلة وليلة على عدد من القصص الكبيرة والأقاصيص الصغيرة. وهذه القصص الكبيرة ترد كل واحدة منها فى نسخة دون الأخرى. ويظهر أنها أضيفت إلى الكتاب لا لشئ إلا ليبلغ عدد الليالى التى دَل عليها اسمه. من هذه الحكايات حكاية الوزراء السبعة وهى من أصل هندى مستقل والحكايات التى نسجت على منوالها، مثل حكاية الوزراء العشرة وحكاية الوزراء الأربعين وحكاية جليعاد وشماس.
أما نسبة حكايات السندباد البحرى إلى كتاب ألف ليلة وليلة فمحل بحث. ويظهر أنها وضعت فى عهد بلغت فيه بغداد والبصرة غاية ما وصلتا إليه من ازدهار. وربما كانت هذه الحكايات فى الأصل كتابا قائماً بذاته.