بحيث أن الكشف عن عمل كل مؤلف منهم على حدة أصبح من الأمور المعقدة التى لا يجرؤ كاتب على التعرض لحلها. وقد جاء فى الفقرة التى ذكرناها عن المسعودى أن الكتاب الفارسى هزار أفسانه الذى ترجم إلى العربية ترجمة حرفية معناه ألف خرافة وأنه سمى بدل ذلك ألف ليلة. أما اسم ألف ليلة وليلة الذى أطلق من بعد على الكتاب فيرجع إلى أن العرب -كغيرهم من الشرقيين بصفة عامة- يتطيرون من الأعداد الزوجية كما سبق أن بين ذلك كلدميستر Gildmeister (المصدر نفسه). وربما كان لميلهم المألوف إلى نوع من التسجيع فى تسمية الكتب دخل أيضا فى تغيير اسم الكتاب. وكما أن الكتاب الفارسى هزار أفسانه لم يشتمل بالدقة على ألف خرافة، وهذه التسمية العددية إنما قصد بها عدد كبير من الحكايات غير معين، كذلك الحكايات التى وردت فى كتاب ألف ليلة وليلة لم تكن فى الأصل مقسمة إلى ألف ليلة وليلة وإنما وضُع هذا التقسيم فى العصور المتأخرة. وهذا يبدو جليا من اختلاف النسخ فى هذا الموضوع اختلافا كبيراً. ولقد كانت الرغبة فى إكمال عدد الليالى فى الكتاب هى الباعث إلى الزيادات الكثيرة التى أدخلت عليه. أضف إلى هذا أن شهرة اسم كتاب ألف ليلة وليلة جعلت النساخ يميلون إلى أن يضيفوا إلى ما اشتملت عليه المخطوطات كل ما هو دخيل وعجيب. وأحسن مثل على هذه المخطوطات مخطوط ياريس رقم ١٧٢٨.
ويشتمل الجانب الأكبر من حكايات ألف ليلة وليلة على شواهد شعرية تطول أحياناً وتقصر أحياناً، وتتميز الطبقة البغدادية بكثرة ما يرد فيها من الأشعار.
والطريقة المتبعة فى الكتاب هى وضع هذه الشواهد على لسان المتحدث، وذلك فى جميع الفقرات التى يريد القاص فيها أن يعبر عن عاطفة قوية سواء أكانت عاطفة حزن أم سرور، فيجعل المتحدث يستهل كلامه بالشعر. وهذه الأشعار فى أغلب الحالات ليست بوجه من الوجوه أداة لاستمرار الحديث، ولكنها -كالأشعار التى ترد فى القصص التمثيلية الهندية- عبارة عن مواضع للتوقف تفيض أحيانا بالحكم والتأملات. وفى هذا دليل كاف