المصطلح المحدد نجده يستعمل "ألفاظا" ترتبط ارتباطا خاصا بأشياء معينة، إذ يقيمها على أساس المنتجات والغلة، كما يتكلم عن أماكن أخرى فى الأقاليم الأخرى التى زارها، فيرتبها على أساس الحرف والآلات والأوزان والمقاييس والعملة.
وهو إلى جانب ذلك يتعمد فى وصفه كل ولاية فيقسمها إلى قرى ومدن ثم يتبع ذلك بوصف لكل منها على حدة، ثم يتلو ذلك بوصف للمناخ والمنتجات وما يخص كل ناحية منها، والمياه، والمناجم والجبال، والمواضع المقدسة بها، والضرائب والمقاييس والمكاييل والعادات، وما بها من العجائب، وتقاويمها، وحكوماتها والفرق المختلفة التى بها والمدارس ومكاتب تحفيظ القرآن ثم يختم ذلك كله بذكر طرقها ومسالكها.
وربما كانت مادة ابن حوقل أوفر فى الناحية الإخبارية وذلك نظرا للخطة التى وصفها لكتابه، وبقى أن نقول إن ذلك المشروع فى حجمه الشديد الفخامة هو أقرب إلى الحلم منه إلى الحقيقة، فإن تكوين المملكة على هذه الصورة الكبيرة مسألة يشجبها التاريخ، وتفصل فيها القرون التالية التى سيبنيها الواقع السياسى وغيره من الأمور التى تجد وغيرها التى تظهر ثم تختفى، وعلى الرغم من أنه يواصل مع الآخرين الثناء على بغداد وامتداحها التى هى فى اعتباره الرمز الحىّ الموحد لهذا العالم إلا أنه لا يستطيع أن يؤكد على انهيارها أمام القوتين اللتين كانت تنافسانها وهما قرطبة ومصر الفاطمية على وجه الخصوص التى يعترف بأنها لابد وأن تتغلّب على خصيمتها وتأخذ السلطة منها، ويحمل الكتاب الشهادة الصريحة على هذه التوترات، وتوجد من هذا الكتاب نسختان مخطوطتان إحداهما فى برلين والأخرى فى القسطنطينية ويوجد بينهما تباين كبير، ولا يقتصر هذا الاختلاف على التاريخ فحسب والعنوان، ولكن أيضًا فى المراجع التى تتعلق بالقوتين السائدتين فى الشرق الإسلامى فى نهاية القرن الرابع الهجرى (العاشر الميلادى) وهما الفاطميون والسامانيون.
ويمكن مراجعة أحدث وأدق مرجع عن هذا الموضوع وهو كتاب A.Mique: La geographie humaine du monde musulmane jusqu'au miliew du xie sieile