وأكمل بناء المقياس الحالى محمد الحاسب فى سنة ٢٤٧ هـ/ ٨٦١ - ٨٦٢ م كما يشير إلى ذلك نقش بهذا المعنى على فوهه بئر المقياس. وذكر ابن أبى أصيبعه أن محمد الحاسب قد بنى هذا المقياس تحت إشراف ممثل الخليفة أحمد بن كثير الفرغانى. وأسند المتوكل إدارة شئون المقياس إلى أبو الرداد. وظلت أسرة أبو الرداد تتوارث هذا العمل حتى عمر المقريزى المتوفى سنة ٨٤٦ هـ/ ١٤٤٢ م.
ويتكون مقياس النيل من عمود مدرج طويل مثمن الأضلاع مثبت فى قاع بئر مبطنه بالأحجار، مساحة قاعدتها نحو ٦.٢ مترا مربعا تقريبًا مزوده بدرج يصل إلى قاعها.
وقسم عمود المقياس إلى ستة عشر ذراعا، متوسط طول الذراع نحوه ٥٤.٠٥ سم. وقسم كل ذراع من العشره أذرع العليا إلى أربعة وعشرين إصبعا (قيراطا) ويرتكز هذا العمود على قاعده مساحتها ٨٣ سم ٢. وارتفاعها ١.١٧ مترا، وترتكز هذه القاعدة على كتلة حجرية قطرها نحو متر ونصف تقريبًا، وسمكها ٣٢ سم. وقد ثبتت هذه الكتلة الحجرية بدورها فى قاعده خشبية مدعمة بأربعة قوائم خشبيه سميكه ويبلغ إرتفاع عمود المقياس وقاعدته تسعة عشر ذراعا. ويتصل بئر المقياس بالنيل بواسطة ثلاثة انفاق تقع فى الجهة الشرقية للبئر.
وشاهد ابن جبير فى أثناء زيارته لمصر مقياس الروضة ودون فى رحلته بأن مقياس الروضة هو عمود من رخام أبيض مثمن طوله اثنين وعشرين ذراعًا، كل ذراع مقسم إلى أربعة وعشرين قسما تسمى بالاصابع، ويضيف ابن جبير قوله؛ "فإذا انتهى الفيض عندهم إلى أن يستوفى الماء تسعه عشر ذراعًا، فهى الغاية عندهم (عند المصريين). والمتوسط عندهم ما استوفى سبعة عشر ذراعًا، والذى يستحق به السلطان خراجه فى بلاد مصر ستة عشر ذراعًا فصاعدا. فإذا نقص الفيضان عن ستة عشر ذراعًا فلا تجبى للسلطان فى ذلك العام الخراج".