فكانت تضم بين جنباتها كنوزا أدبية لا تعد ولا تحصى. وفى عام ٤٣٥ هـ/ ١٠٤٣/ ١٠٤٤ م أمر الوزير أبو القاسم على بن أحمد الجرجرائى بفهرست ما فيها من كتب وترميم ما يحتاج منها إلى ترميم وتجليد وعهد إلى أبى خلف القضاعى وابن خلف الوراق للإشراف على هذا العمل، وقد ظلت هذه المكتبة سليمة دون أن تمس حتى وفاة العاضد آخر الخلفاء الفاطميين، ثم أمر صلاح الدين الأيوبى بإغلاقها وحينذاك أخذ القاضى الفاضل أغلب ما تحويه من كتب وأودعها فى مكتبته التى عرفت بمكتبة المدرسة الفاضلية التى أنشأها، ولكن سرعان ما أهملت هذه الكتب، حتى إذا كان زمن القلقشندى اختفى معظم ما كانت تحتوى عليه ويقال إن المكتبة الفاضلية هذه كانت تضم ستة آلاف وخمسمائة مجلد فى العلوم وحدها التى كانت معروفة يومذاك مثل الرياضيات والفلك، وكان من بين ما كانت تضمه كرة أرضية من النحاس قيل إنها من عمل "بطليموس" وعليها كتابة تشير إلى أنها صارت ملكا لخالد بن يزيد من معاوية، أما الخلفاء الأمويون فى قرطبة، فكانوا يملكون مكتبة ذاع صيتها واشتهر أمرها. وقد كرس الحكم الثانى حياته كلها لها واستخدم عمالا مهمتهم جمع الكتب من جميع الأراضى الإسلامية. ويقال إنها كانت تحتوى على حوالى أربعمائة ألف كتاب وإن فهرس المكتبة شغل ٤٤ مجلدا يضم كل منها ٤٠ ورقة، ولكن للأسف امتدت يد النهب إلى معظم ما فى هذه المكتبة ثم أصاب الدمار معظمها زمن من جاءوا بعد الحكم الثانى. وعندما غزا الملوك الكاثوليك غرناطة صدرت الأوامر إلى جميع المورسكين بتسليم كل الكتب للسلطات [الكاثوليكية] وذلك لتسهيل عملية ردهم للنصرانية وليقوم الخبراء بفحصها بحيث يتم الاحتفاظ بالكتب الفلسفية والطبية المتعلقة بالتاريخ، أما غير ذلك من فنون العلم فيتم تدميرها، غير أن الكاردينال سيسنورس Cisneras أصدر مرسوما يقضى بحرق كل الكتب العربية فى أحد ميادين غرناطة العامة.
ولقد عرفنا بعضا من المكتبات الخاصة القيمة التى كانت رهن إشارة