وبينما أن لفظ "ملة" واسع الانتشار، نجد أن القرآن الكريم لم يستخدم لفظ "نحلة" سوى مرة واحدة: {وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً}، مع اختلاف فى التفسير. واحد التفاسير المقبولة هو أن هذا اللفظ مرادف لـ "دين، وملة، وشريعة". والتمييز الوحيد فى الكتابات المتعلقة بالأديان، كما نرى فى كتاب ابن حزم وغيره، هو أن مدلول النحلة أضيق من الملة، فيقصد به الطوائف داخل الدين الواحد.
وتستخدم الأحاديث فى البخارى ومسند أحمد بن حنبل "أهل الملل" لتعبر عن غير المسلمين، وعلى الأخص طبعا، المسيحيين واليهود. ومن بين الكتابات كتاب ضرار بن عمرو المعتزلى فى رده على "أهل الملل" (ابن نديم، الفهرست").
وليس معروفا كيف وجد تعبير "الملل والنحل"، والذى لا نجد له أثرا قبل العام الرابع الهجرى. فنحن نجده فى "مفاتيح العلوم" لأبى عبد اللَّه الخوارزمى (ولا ندرى إن كان قد سبق إليه أم لا)، تحت الفصل الخامس من كتابه "فى أسماء ارباب الملل والنحل المختلفة"، وفيه يتحدث عن أصحاب الديانات الأخرى من غير المسلمين والمسيحيين واليهود، والذين تحدث عنهم فى فصول سابقة، وهم البوذيون والبراهمة والصابئة وغيرهم.
وأول كتاب يحمل اسم "الملل والنحل" هو لأبى منصور البغدادى، من متكلمى الأشاعرة والغير موجود حاليا للأسف، وفيه يتحدث عن كافة المذاهب الفكرية بلا استثناء، بما فى ذلك الفرق الإسلامية، وغير الإسلامية كالصابئة والمثنوية والوثنيين والفلاسفة والمنجمين والملاحدة. وليس واضحًا ماذا يعنى البغدادى باللفظين، وكيف يميز بينهما.
ولكن استخدام ابن حزم فى كتابه الواسع الانتشار "الفصل فى الملل والأهواء والنحل"، أكثر وضوحا. فالمستفاد من تتبع كتابه يفهم منه أنه يقصد بـ "الملل" ما أورده فى الجزء الأول من كتابه، حيث يختمه بقوله "قد أكملنا. . الكلام فى الملل"، وفيه تحدث