للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقد ورد اللفظ "نفق" بمعنى مشابه فى الآية ٣٥ من سورة الأنعام {فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَبْتَغِيَ نَفَقًا فِي الْأَرْضِ}. إلا أن البعض الآخر يجعل الكلمة مرادفة للكلمة "نفذ"، فالمنافق يدخل من باب وينفذ من الآخر مثل الفسق، وهو الإعراض، أما الطبرانى فى تفسيره للآيات الكريمة ٩٨ - ١٠١ من سورة التوبة التى تربط بين النفاق والإنفاق: {وَمِنَ الْأَعْرَابِ مَنْ يَتَّخِذُ مَا يُنْفِقُ مَغْرَمًا وَيَتَرَبَّصُ بِكُمُ الدَّوَائِرَ}، فيجعل بين اللفظين رابطة من الأصل اللغوى فيقول "هؤلاء المنافقون ينفقون رياء".

وإذا كان القرآن الكريم يتحدث عن المنافقين دون تحديد لأشخاصهم، فإن كتب التراث الإسلامى مليئة بأسماء لهم، فرئيسهم فى المدينة كان عبد اللَّه ابن أبى، أحد، زعمائها قبل الإسلام. فهو قد وقف فى صف بنى قينقاع، وتخلف عن غزوة أحد أما الآيات من سورة التوبة فتتحدث عن المتخلفين عن غزوة تبوك وعن الذين خلفوا بالنسبة للأعراب الوارد ذكرهم فى نفس السورة فهم جهينة وأسلم وأشجع وغفار.

ويعالج الشيعة الإمامية موضوع المنافين من زاوية أن القرآن الكريم أمر بجهاد المنافقين ولكن الرسول [-صلى اللَّه عليه وسلم-] لم يواجههم بقتال، وتفسيرهم فى ذلك أن الرسول [-صلى اللَّه عليه وسلم-] حارب الكفار وأن عليا حارب المنافقين، خاصة فى صفين، وينسب للحسن تفسير آخر هو أن الجهاد المقصود هو إقامة الحدود الشرعية، وفى تفسير آخر يتفق مع رأى فى السنة أن جهاد المنافقين يكون بالمنطق وليس بالحرب كجهاد الكفار.

أما الخوارج فيعالجون القضية فى سياق العلاقات مع غير الخوارج. فطائفة النجدات يرون أن اللفظ ينطبق على من لم يهاجر من الخوارج إلى معسكرهم. ويرى سليم بن ذكوان أن غير الخوارج يعتبرون من المنافقين، وأنه يجوز مصاهرتهم والتوارث معهم حيث أن هذا ما فعله أصحاب الرسول [-صلى اللَّه عليه وسلم-] مع منافقى عصرهم.

وتدور فكرة النفاق لدى مؤلفى "أحكام القرآن" فى الغالب حول إظهار خلاف الباطن، وتأخذ الآيات ٨ - ٢٠ من سورة البقرة على أنها تشير إليهم