للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أنين الطفل حين اعتلى النبى -صلى اللَّه عليه وسلم- مقعده الجديد، "لكن الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- قام من مجلسه حتى انتهى إليه، فقام إليه ومسه فهدأ ثم لم يسمع له حنين بعد ذلك اليوم وتتفق معظم الروايات على أن المنبر قد اتخذ فى بادئ الأمر للخطبة وأضافت بعضها أن الغرض منه كان إبلاغ حشد المصلين صوت النبى -صلى اللَّه عليه وسلم- ويعلم أيضًا بأن النبى -صلى اللَّه عليه وسلم- أقام الصلاة عليه، وأنه عند السجود، نزل عنه وعُنِىَ بأن يرى الناس صلاته وأن يتَّبعوه فيها. على أن هذه الرواية الأخيرة تقتضى ضمنا عادة الوقوف على المنبر.

فى هذا السياق، نشير إلى حديث أورده ابن الأثير مفاده أن الصحابة سألوا أن يتخذ له مكانا مرتفعا عند مجئ عدد كبير من الوفود إليه وهناك رواية أخرى مفادها أن النبى -صلى اللَّه عليه وسلم- وقف على كرسى وخاطب رجلًا اسمه "تميم" وفد عليه لزيارته. وفى هذا المقام فنحن لدينا مقعد شرعى يجلس الحاكم عليه. ويتوافق ذلك دون شك مع سمة المنبر؛ ففى حين اعتاد الساميون الشماليون اتخاذ المقعد المرتفع، فإن العرب اعتادوا افتراش الأرض، والاتكاء على المساند ومن ثم صار المقعد المرتفع خاصية للحاكم أو للقاضى. ورد فى الخبر أن "ربيعة بن مخاشن"، كان أول من اتخذ المنبر أو السرير حين عمل قاضيا. وجلس "الحجاج" على كرسى خصص له ونقب له "سرير" حين قام بمحاكمة أعدائه، ثم نفس الأمر "ليزيد بن المهلب" حين أصدر أوامره بالخروج للحرب.

ويخالف "بيكر" الروايات التى تشير إلى أن المنبر قد خُصص أساسا للخطبة أول ما أنشئ، وهو يرى أنه خصص كرمز لعرش النبى [-صلى اللَّه عليه وسلم-] القوى الذى صار له الحكم (*). ويتفق رأيه فى ذلك مع الروايات التى تقول بأن المنبر قد أنشئ فى السنة السابعة أو الثامنة أو التاسعة للهجرة، وهى السنوات التى ثبت فيها حكم النبى -صلى اللَّه عليه وسلم- ولقد اتخذ النبى -صلى اللَّه عليه وسلم- المنبر أيضًا لإعلان التعليمات


* من المحال طبعا أن يكون هذا التحليل صحيحا، فالنبى -صلى اللَّه عليه وسلم- نفسه نفى أن يكون ملكا أو كالملك، وكان يركز على أنه "ابن امرأة كانت تأكل القديد بمكة"، وكانت الأرض مجلة، وكان ينام فوق حصير أو حشية من ليف. . إلى آخر ما هو معروف فى كتب السيرة (هيئة التحرير).